سوريا.. لحظة الحقيقة

ت + ت - الحجم الطبيعي

كلما اشتد الخناق حول عنق السلطة الحاكمة في سوريا، أو اهتز جبروتها العسكري الأمني على جبهات الحرب المفتوحة التي أعلنتها طاحنة على الشعب السوري وقواه الساعية للتغيير، تنادت لنجدتها سياسيا وعسكريا أطراف إقليمية ودولية رسمية أحيانا، وحزبية أو ميليشياوية في معظم الأحيان، في مشهد يعكس الشبكة المعقدة والمتداخلة التي استطاعت هذه السلطة نسجها في المنطقة والعالم طوال فترة استحواذها على السلطة، والتي يكشف هذا الملمح من الصراع ضخامة حجم استثماراتها غير البريئة في هذا الاتجاه.

ملمح يغص بالأمثلة والنماذج الصارخة، من أبرزها، كما بات معروفا، التدخل السافر لقوات حزب الله اللبناني في معركة القصير وما يحيطها من القرى، وحسم الموقف فيها لصالح النظام إثر سيطرة قوات الجيش السوري الحر عليها لفترة طويلة نسبيا. ملمح يتكرر حاليا وسيظل كذلك، بعد أن اتضح أنه ليس طارئا على المشهد السوري الدامي، بل يشكل جزءا بنيويا ومكونا رئيسيا منه.

 فبعد أن تمكنت قوى المعارضة من تحقيق بعض التقدم في العديد من ساحات المواجهة، تعالت أصوات عراقية وكردية رسمية وغير رسمية للتدخل، بذريعة حماية أكراد سوريا تارة ومحاربة الإرهاب أخرى.. فهل يمكن اعتبار ذلك مجرد صدفة؟

هل هي صدفة أن تعلن قوى كردية سورية انتهاء الهدنة مع قوى مسلحة معارضة سورية، في حين يعلن رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني نيته التدخل في شمال شرق سوريا، لحماية الأكراد السوريين من إبادة جماعية مفترضة يتعرضون لها على أيدي جماعات إرهابية.

وفي الوقت نفسه يعلن رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي عن حملة واسعة لضرب المنظمات الإرهابية على الحدود السورية العراقة الممتدة على طول 600 كيلومتر؟! ثلاثة أسئلة إجاباتها تنحي عامل الصدفة، وتكشف مدى التنسيق بين النظام السوري وشبكة العلاقات الدولية والإقليمية المشبوهة التي حرص على إقامتها والحفاظ عليها دائما، على حساب مصلحة الشعب السوري.

السؤال الأول: كيف تفهم حمى الغيرة التي انتابت حكومة إقليم كردستان العراق وأحزابا سياسية كردية أخرى على أكراد سوريا، بينما ظلت هذه الحكومة صامتة على حرمانهم من حقوقهم الثقافية القومية طوال عقود؟

ثانيا: هل يقتصر خطر الجماعات المتشددة على المكون الكردي والحكومة العراقية وحدهما؟

ثالثا: هل موجة الإرهاب التي تعصف بالمجتمع العراقي قادمة من خارج الحدود أم العكس؟ لم يعد سرا أن دخول حكومة كردستان العراق على خط الصراع في سوريا، يسير على السكة نفسها التي سار عليها حزب الله اللبناني قبلها، وكذلك حكومة المالكي وبعض الأحزاب الكردية السورية، وأن كل هذه المحاولات تصب في خانة خلط الأوراق وتشتيت الجهود، وحرف بوصلة هذا الصراع السياسي على السلطة عن مسارها الطبيعي.

Email