لماذا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

الشرق الأقل نمواً، بات ميالاً للعولمة بقدر ما يتقدم، آخذاً بأسباب الحداثة المعاصرة، حتى عاد الحديث عن المحافظة على أي رسوخ حضاري ضرباً من العبث. هنا لا أدعو إلى التمسك بقيم ورفض أخرى، وإنما أسأل فقط عما إذا كان مجال الحوار لا يزال مفتوحاً أصلاً، لاستعراض إمكانية الإبقاء على ملامح معينة تميز مجتمعاتنا الشرقية، أم أن الوقت قد فات؟.

الواقع يفرض علينا تأمل مساحات الحركة الحضارية لمجتمعاتنا، فإلى أين نحن ذاهبون، وما الذي يجب أن ندافع عنه ونفخر به؟، وما الثابت والمتحول فينا، والى أي حد، ولماذا الثابت ثابت والمتحول متحول؟.

الغرب، حيث منبت حركات وفلسفات التغيير عبر التاريخ، لا يبدو متسامحاً حينما يتعلق الأمر بفقدان خصوصيته الثقافية، ولطالما برزت طروحات جادة في الميديا الغربية وداخل بيوتات ومراكز البحوث والدراسات الأنثروبولوجية، تلك التي تدعو إلى الدفاع عن الهوية الغربية ذات الجذور المسيحية والإسهامات الليبرالية العلمانية، ضد الهمجيات الشرقية المتمترسة داخل قيمها الثقافية المتطرفة لدرجة الإرهاب.

الآن هناك جدار آخر يبنى بديلاً لجدار برلين، بيننا والغرب، سمّه ما شئت.

فرنسا الحرية والمساواة لا تبدو مستعدة للتنازل عن ثقافتها المتمثلة أولاً في لغتها الأم، رغم أن الانجليزية - باللكنة الأميركية بالذات - تقود اليوم مسارات العولمة الثقافية في كل مكان. وأما ألمانيا فلا أقل جنوحاً نحو التشبث بذاتها وماضيها التليد.

فمن المتنازل عن ذاته إذاً لصالح العولمة؟ هل الصين أم اليابان، أم روسيا التي حضرت أخيرا بشروطها السوفيتية؟

لا أحد مستعد للانسلاخ عن هويته والانخراط في النموذج الغربي كلياً إلا المجتمع الشرقي الأقل نمواً، وحدنا نصفق لكل خطوة تقربنا من النموذج المعولم. فلماذا؟

 

 

Email