مدينة المعرفة

ت + ت - الحجم الطبيعي

مدينة المعرفة في دبي، واحدة من الوُجهات الأنيسة؛ يطلُ فيها «الترام» بتؤدة مُحببة، هادئ الخطوة يمشي ملكاً، يترنمُ بدندنة كخلاخل بدوية على مورد ماء، على قنطراته يثب الحمام، مُبللاً ببعض الرذاذ، وجميلات حذوه، يرفلن بسندس وبعض من دلال، يتبخترن بهجة يُيممن بهجة النهار.

من مُدرجاتها وفي رحاب العلم، تشع شموس القراءة، تصطلي بالدرس ضحى، صوامعُ جمعت أسماء عريقة في الحقول الأكاديمية حجزت لنفسها فضاءات للنور.

يأسرك ذلك الرجل الطاعنُ في السن، بانهماكه المُحبب، وبملابسه الرياضية الأنيقة وكراسته وكتبه يطلبُ العلم، تلك الصبية المُنهمكة في الركن وقد غاصت في متن من الأوراق، فتيات وشبان، فرادى ومجموعات تحت أشجار المدينة الوارفة.

المدن الجامعية المُتخصصة شكل من أشكال تطور حركة التعليم عبر تاريخ الحضارة، من مدرجات إسبرطة وأثينا القديمة، حيث كانت مدارس فلاسفتها معروفة ومشهورة، كمدرسة أرسطو المتجولة وأكاديمية أفلاطون تُرضع المنطق والعلوم والفن والمهارات الحياتية، متجاوزة الشكل التقليدي المترعرع في رحاب الأسطورة. وظلت الرسالة نفسها مُناطة بالمؤسسات الجامعية في عهد التنوير، ومع توسع المدن والتطور اتجهت إلى التخصص، فأصبحت الجامعة الواحدة تضم أكثر من كلية وحرم، مهدت لمرحلة المدن المعرفية المتخصصة.

مراحل طويلة في رحلة المعرفة، ارتقت بمهارات البشر؛ حيث بقيت الدفتر الخالد في رحلة الإنسان من عهد النقش على الحجارة إلى عصر لمس الشاشات. وتجاوزاً للمفهوم الأبستمولوجي الواسع لها، وتقريظات لالاند حولها، تبقى منظومة شاملة وشمساً يرادف ضوؤها إشراق الإنسان وقوته العظيمة، لذلك من الجميل أن تكون هناك مدن للمعرفة، يؤمها الناس، مُتسعاً من الوقت والبال والقلب والروح لعناق النور، صوامع تزف فيها عرائس الأفكار.

Email