روح جديدة

الذين تابعوا تدفق المصريين، خلال الأيام الأخيرة، إلى البنوك لشراء شهادات الاستثمار في مشروع قناة السويس الجديدة، لا بد انهم قد رصدوا روحاً جديدة ومختلفة، في حركة الناس وانطلاقهم ومواقفهــــم وأفكارهم، التي عبروا عنهــا فــي لقــاءات مــع أجهــزة الإعــلام.

هناك لمحات عديدة دالة على هذه الروح الجديدة لا بد من التوقف عندها، أولها الحماس العارم للاستثمـار في هذا المشروع باعتباره مبادرة من أجل مصر، ومن هنا نلاحظ انه مــن إجمالــي مبلـــغ الستين ملياراً، الذي يشكل تكلفـــة المشروع، بيع من الشهادات فــي اليوم الأول ما قيمته ستــة مليارات جنيه، وفي اليوم الثاني ثمانية مليــارات ونصــف المليــار جنيــه.

على الرغم مـــن كراهيــة المصريين التقليدية للطـوابير، فقد امتـــدت الطوابير في البنوك، واعتصم الواقفون فيها بصبر مدهش حقــاً، خاصــة مع امتداد العمل فــي المصـــارف إلــى العاشــرة مســاء.

تمثل البطل الحقيقي لهذا المشهد في المرأة المصرية، فمعظم من احتشدوا في المصارف لشراء الشهادات هم نساء تحركهن هذه الروح الجديدة المفعمة بالحماس، وقد سبق أن رأينا مبادرات مدهشة لهن في الانتخابات والاستفتاءات من قبل.

نلاحظ أيضاً أن 90 % من عمليات شراء الشهادات، حتى الآن، كانت المبادرة فيها للأفراد والتجمعات العائلية، وليس للمؤسسات والهيئات، مما يعكس مبادرة فردية جديرة بالانتباه.

أخيراً، لا بد لنا من الإشارة إلى أن انطلاق هذه الروح الجديدة في مصر هو الآن في مرحلة البداية، ولسنا نشك في أننا سنشهد العديد من تجلياته تحت آفاق العمل الوطني المصري في المستقبل القريب.