سلام عالمي

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا أعرف من هو صاحب الفكرة التي روجت لمفهوم السلام العالمي، فأنا شخصيا لم أعايش هذه الفكرة ولم أرها تتحقق، لا في الماضي ولا في الحاضر حيث الدم والقتل في كل مكان، وخاصة في عالمنا العربي. أعتقد أن أكثر من يتحدث عن مفهوم السلام العالمي هم الساسة، وأجزم بأنهم أكثر الناس ابتعادا عنه وكرها له، فالسياسة في كثير من معانيها وأعمالها تعني العمل بغير ما تقول، بل والتحرك في اتجاه معاكس تماما للمبادئ التي يتحدثون عنها صباح مساء.

في استطلاع نشرته المفوضية الاوروبية قبل أكثر من 10 سنوات حول الأكثر تهديدا للسلم العالمي هل هو أسامة بن لادن أم إسرائيل؟ أجاب أكثر من 58 % من الشعوب الأوروبية بأنها إسرائيل. يومها قامت قيامة إسرائيل واتهمت الاتحاد الأوروبي بالأسطوانة التي ترددها دوما وهي السامية ومعاداتها، واضطر الاتحاد إلى إصدار توضيحات بأن الاستطلاع لا يعبر عن موقف الدول الأوروبية، رغم أن التصويت كان للشعوب الأوروبية. وقبل سنوات قليلة كان الثنائي جورج بوش الابن وتوني بلير هما الأكثر حديثا عن السلم العالمي، وفي سبيل ذلك احتلوا العراق ودمروه وفككوا جيشه، وجلبوا معهم ليس القاعدة فقط بل وكل أشكال الانحراف الفكري والعقدي، حتى بات العراق اليوم ساحة لميليشيات ربما لم يسمع بها أحد يوما، والفضل لبركة العم سام.

لا أعتقد أن أي دولة عظمى في عالم اليوم مؤهلة للحديث عن السلم العالمي، ومجازر إسرائيل في غزة هي الدليل الأقبح على ذلك، فالجميع يتحدث عن حقها في الدفاع عن نفسها ضد آلة الحرب الفلسطينية، ولن نجد تغييرا متوقعا في هذا الموقف.

باختصار، السلم العالمي يتحقق إذا كانت لديك القوة التي تدافع عنه، وبغير ذلك يبقى نفخة في رماد.

Email