لورنس العرب مجدداً

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعود نتي. إي لورنس، أو «لورنس العرب» ليستقطب الاهتمام هذه الأيام من جديد، مع صدور كتاب سكوت أندرسون عنه بعنوان «لورنس في شبه الجزيرة العربية»، عن دار دوبلداي في 592 صفحة.

ويلفت نظرنا، على الفور تقريباً، العنوان الفرعي للكتاب، وهو «الحرب، الخديعة، الحماقة الإمبريالية وصنع الشرق الأوسط الحديث»، وهو يقودنا إلى إدراك الحقيقة الأساسية حول هذا الكتاب، وهي أننا لا ينبغي أن نتوقع أن يقدم لنا المؤلف أسراراً جديدة عن لورنس، الذي التفت حياته حتى نهايتها بسحب الغموض، ولكنه يعوض ذلك بتفصيل القول في السياق التاريخي العام للدور الذي لعبه لورنس في الثورة العربية الكبرى.

والتركيز على سياق صنع الشرق الأوسط الحديث في هذا الكتاب، وفي العديد من الكتب الأخرى التي صدرت حديثاً، لا يأتي اتفاقاً، ولا بمحض المصادفة، ذلك أنه يواكب ما نراه اليوم من حولنا في أرجاء المنطقة، والذي هو في جوهره إعادة تشكيل للشرق الأوسط، على نحو لا سبيل إلى تجاهله أو إنكاره.

وليس من قبيل المصادفة أن يركز كتاب أندرسون في إلقائه الضوء على هذا السياق، إلى جوار دور لورنس، على أدوار أخرى قامت بها شخصيات أميركية وألمانية ويهودية، كانت تمهد الطريق لتحويل وعد بلفور إلى واقع قائم على الأرض العربية، وعلى حساب دماء أجيال من العرب.

يحاول المؤلف إظهار الجوانب التي طالما أثارت الاهتمام في شخصية لورنس، ومنها روح المغامرة وتعاطفه مع القضية العربية، ولكنه لا يفسر لنا صمت لورنس، عندما أدرك أن الخرائط كانت ترسم وتعد تمهيداً للتنفيذ، بما يتناقض تمام التناقض مع كل وعود الحلفاء للعرب.

الدروس التي يحفل بها هذا الكتاب جديرة بالاهتمام حقاً، ليس لأنها تضيء معالم الماضي، وإنما لأنها تنير مناطق شديدة الغموض والالتباس في المسيرة المستقبلية العربية.

Email