دبي.. البعد الرابع

ت + ت - الحجم الطبيعي

دبي مدينة لم تستبدل رمل شطآنها أو كثبان صحرائها عندما ارتدت ثوب البحر مبللا من جديد.. وما أودعته دكان الزينة لتتجمل وتغدو على غير عهد مديد .. ولا أدخلته كهوف العرافين لتتنبأ بغد بعيد.. ولم تقلب صفحة سحرية ليتجلى أفق سعيد.

 

دبي عروس بحر مفتوح على الهوى ونزهة عاشق تمتد خطواته من رمال الأزرق إلى الكثبان الأصفر ولا تبرح مقاه تفترش الأرصفة وتطل حانية من الشرفات في كل مرة ترتدي فيها ثوب البحر مبللا حتى تعود أدراجها لاختبار لحن جديد على امتداد نسيم يعلوه خجل طفلة تلوح بيدها الصغيرة لشغف ينشد الاشباع متعطش لمعرفة سر البهاء فيها.

 

دبي مسكن الروح .. لا تكاد تراها .. تنغمس في حواريها .. تغطس في أزقتها.. تشرب من مائها.. تتذوق طعم هوائها، حتى تعيد الكرة من جديد بحثا عن مكمن الجاذبية فيها وكنه السرمدي في عرسها وجذر البقاء في عبير عطرها.

 

دبي حاضرة ساد الاعتقاد بأنه للدخول إلى قلبها أو ملامسة وجدانها أو جدرانها لا بد من مستويات ثلاثة أو أبعاد ثلاثة .. الجو، والبحر، والبر، ككل حواضر الدنيا، لكن دبي تأبى ولا تعرف للصورة النمطية سبيلا ولا عنوانا، أدخلت إلى قاموس مفرداتها مستويات أخرى يصعب حصرها بالأرقام والمعطيات الساكنة.

 

ربما كان من الأجدر البدء بتقديم الاعتذار على الاكتشاف المتأخر قليلا لسانحة أتاحها قطار دبي لقاطني وزائري المدينة حين أعطاهم الفرصة لرؤيتها وتحسس نبضها من مستوى رابع لم يكن مألوفا قبل سنوات قليلة خلت، ولا يشبه بالمرة أيا من المستويات الثلاثة المألوفة، .

 

ولا يتوقف عنصر الجذب فيه عند حد وسيلة النقل الناجعة لسرعتها وثوبها الحضاري، بل يمتد إلى الأبعد.. إلى رؤية المدينة من زاوية رابعة لا برية ولا بحرية ولا جوية هذه المرة، بل خليط من كل ذلك عنوانه التناغم..

 

خليط يطل على المباني من طبقاتها الأولى أو الثانية وعلى الشوارع والحدائق من علو لا يعلو عن تفاصيل الأخضر المنبعث من الحدائق والأزرقين المطلين من بحر وسماء دبي.

Email