ولادات

ت + ت - الحجم الطبيعي

عن الولادات كتب وقيل الكثير، لكن عن الولادات الجديدة كتب وقيل أكثر، لا لشيء إلا لأن حقول الأخيرة أوسع وأرحب وأكثر تنوعاً وترتهن عادة بالإرادات الإنسانية ونوازع البشر، بينما تحدث الأولى بصورة حتمية ضمن آليات ذاتية مستقلة. ما كنه الولادات وما سر هذا اللانهائي المتواصل فيها الذي لا يعرف للسكون سبيلاً؟ الولادات الجديدة إبداع أفق جديد، إيمان بقدرتنا على ابتكار ولادات محتملة يسبقها سكون ينفتح بفضلها على استمرارية الوجود.

الولادات الجديدة تخليق صيغة جديدة، شعور دفين بالابتسام ونحن نشق آفاق المستقبل برمش العين، ولادات جديدة متواصلة. الولادات الجديدة استيقاظ، استعادة للآمال والأنهار الجارية بقواربها المحملة بالتنبؤات والتوقعات وبعصافيرها التي تبدو كالأحلام في درب العودة، ولادات خالدة. ا

لولادات الجديدة إيمان يعاكس إيماءات السكون ومقدرته على الإغواء ويترفع عليها، إيمان يتمظهر في لقاء يعبر متكئاً على شراع التحول الممكن لجناح طائر أثناء الطيران. الولادات مفرداتها لا تعترف بالجغرافيات وتنفر من مذاهب الـتأطير والتنميق والثبات، أفراد، مدن، أفكار، مبادرات، دروب، جسور، شوارع، كلها تعلن انتمائها للإنسان أينما حل وأينما كان ومهما كان لونه أو جنسه، مفردات تتمنطق بها مدينة بأحرف اسمها الثلاثة وتتزين بها أو تزيدها زينة بين كبريات المدن حول العالم.

مدينة اسمها دبي تحولت إلى كائن ينمو ويتحرك بآليات ذاتية المنشأ على إيقاعات مخاضات الولادات الجديدة، مدينة كلما عانقتها سواء في صباحات العمل أو أثناء النزهة أو الجلوس على مقهى لاحتساء فنجان من القهوة مع الأصدقاء تدهشك من جديد وتدفعك إلى التساؤل عما إذا كان بوسعك مجاراتها في أن تولد من جديد في كل مرة تحتك بها.

مدينة ولاداتها تبحث دوماً عن مخاضات جديدة بيكار ألوانها يعانق ألوان قوس قزح ويدعوها لولادات لا متناهية مماثلة قد لا تراها العين لكن نبضها يولد فينا ويتحلق من حولنا كأراجيح الصغار في يوم عيد بعد أن أدمنت ضفائرها فعل التوالد وضمته إلى قائمة عاداتها المتوالدة دوماً.

Email