الأب بنك والأم غائبة

ت + ت - الحجم الطبيعي

بعض الآباء إن لم نقل أكثرهم من ذوي الملاءة المالية «الميسورين»، يظنون أن واجبهم الأسري كما يختزلونه، يقتصر على توفير المأكل والمشرب والمسكن والملبس، فيتحول رب الأسرة إلى بنك متنقل وخزينة مال يغرف منها لكل فرد احتياجاته عند الطلب!

وتكتمل الصورة في شريكة الحياة وربة المنزل، التي تهجر أمومتها وتتنازل بمحض إرادتها عن عرش مملكتها، لخادمة تجتهد في تأدية مهامها وتلبية متطلبات الجميع، لتسرق في ما بعد قلوب الأب والأبناء.. عندها نبكي جميعاً على اللبن المسكوب، ونتوسل العطار أن يُصلح ما أفسدناه والدهر.

تلك حال عديد الأُسر التي نخرها سوس حسابات الحياة اليومية بالمال فقط، فأين البنون؟! لا أحد يدرك في مثل تلك الأُسر، قدسية الميثاق الغليظ بين الشريكين في حجر أساسه، والكل يجهلون أهمية بناء هذا الكيان الذي يشكل إحدى لبنات المجتمع، فتكون النهاية التي يسدد الجميع ثمنها، مأساوية لا تستثني أحداً في خسائرها وتبعاتها.

عجيب أمر البعض اللاهثين خلف المال من أجل حياة زائلة قد لا يعيشها كما كان يحلم، تأخذه وما يملك إلى الهاوية، وتذهب بالبيت ومن فيه إلى حرب جميع معاركها ثأرية تحرق الأخضر واليابس.. فعندما تستحيل الحياة بين الزوجين، يكون آخر العلاج «الكي أو البتر» أكثر نجاعة من اجترار مشكلات يومية، يحمل أوزارها الأبناء وتطغى تبعاتها على حياتهم ومستقبلهم.

لجميع الآباء والأمهات نقول: لا تستثمروا في غير فلذات أكبادكم، لأنهم الثروة الحقيقية والرصيد الذي لا ينضب، واعملوا على إنمائه، فالابن الصالح يحفظ والديه ويدعو لهما في الدنيا والآخرة.

Email