التجارة الحرة في الثقافة

تمخضت "قمة الثمانية" التي أنهت أعمالها مؤخراً عن حدث لم يعلق عليه الخبراء كثيراً ألا وهو الاتفاقية الحرة في الثقافة حيث وقفت بوجهه فرنسا سنوات طويلة، متسلحة بمفهومها عن "الاستثناء الثقافي" الذي يدافع عن وجهة نظرها، لكنها لم تصمد طويلاً أمام غزو نظيرتها الأميركية في مجال الصناعة التلفزيونية والأفلام التي طالبت فرنسا باستثنائها من التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

المفاوضات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي ستعقد في واشنطن بداية من الشهر المقبل على امل ان تنتهي بنهاية عام 2014. وهذه الاتفاقية تُعد الأكبر في التاريخ ستسمح باستحداث ما لا يقل عن مليوني وظيفة وستسهم في خفض الأسعار بشكل كبير بما يعود بالمنفعة على الشعوب.

فرنسا تخشى على إنتاجها الفني أمام الولايات المتحدة لأن الثقافة الفرنسية لن يكون لها وجود لولا الدعم الحكومي. فقد ظلت الثقافة الفرنسية تزدري الثقافة الأنجلو ــ أميركية، سنوات طويلة، ولكنها تستهلكها، فمعظم ساعات البث التلفزيوني الفرنسي هو أميركي.

الفرنسيون اخترعوا الانترنيت "الذي أطلقوا عليه "مينيتيل " قبل الأميركيين بسنوات طويلة، ولكن الانترنيت جعل الاختراع الفرنسي مجرد ذكرى من الماضي.

هناك 13 بلداً أوروبياً أيدت المشروع الفرنسي في الاستثناء الثقافي، ولكن الاتفاقية ستنفذ رغم ذلك، وعلى الفرنسيين أن يتعلموا الدفاع عن قضاياهم بلغة شكسبير لأن الحديث بالفرنسية يظهرهم على أنهم غير عقلانيين ومعزولين في العالم، بسبب عقبة اللغة. ولهذا السبب، فقد تُوج الفيلم الفرنسي بخمس جوائز أوسكار لأنه كان فيلماً صامتاً، ولو كان ناطقاً بالفرنسية لما حصل على هذه الجوائز الرفيعة.