الخور وجه دبي التاريخي

ت + ت - الحجم الطبيعي

تروي المدن القديمة حكاياتها عبر ما تبقى منها من حجر وأعمدة ونوافذ وزخارف وأبواب وأقفال، ومنطقة الشندغة شأنها شأن جميع المدن القديمة، تشهد على هذه الحكاية القديمة، حيث تترك براجيلها ماثلة على الخور، على مساحة تمتد على أحد عشر هكتاراً، لا تحجبها أسوار ولا قلاع.

كما لو أنها تريد التشبع بروح الصحراء، لا تعرف حدوداً مثل رجالها الذين ركبوا البحر ذات مرة، ولجأوا إلى الخور كمكان آمن بعيداً عن العواصف والمد والجزر، وتفاخروا بخيولهم وصبروا مع جمالهم، وحطوا في هذه المنطقة أي دبي منذ عام 1862.

كان أهالي الشندغة يعيشون قديماً على البحر ويرتزقون منه في صيد الأسماك واللؤلؤ. ولم يكونوا يشيدون بيوتهم على البحر مباشرة رغم قربه، خشية أن يقتلع بيوتهم. والسبب يعود إلى أن البحر منطقة مكشوفة، معرضة لعوامل المناخ المتقلبة مثل العواصف والرياح والأمطار.

 ويبرز أبطال هذا المكان آنذاك، النوخذة أي العاملين في البحر، كانوا يجدون في الخور مكاناً آمنا لرسو مراكبهم. وليس غريباً أن تجد في كل إمارة خوراً. وكان يلقى الرعاية الكاملة من أعلى مستويات الدولة، إذ بعد انحساره وانخفاض مستوى المياه فيه، قام المغفور له بإذن الله الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم بتعميقه ليكون صالحاً لرسو المراكب، وتحول فيما بعد إلى ميناء استراتيجي لوقوف السفن ومأمن طبيعي لها، باعتباره مصدراً للرزق في ذلك الوقت.

والخور يحكي قصة دبي، لذا فإن تكوينها العمراني قائم على هذه الفكرة أي وجود الخور والبيت والبحر، هذه الثلاثية التي نسجت من حياة أهاليها أسطورة العيش في أحلك الظروف وأصعبها. ومن الطبيعي أن نجد "قرية الغوص"، لأن البحر كان ولا يزال محوراً للنشاط التجاري.

وما يميز منطقة الشندغة هي واجهات البيوت القديمة التي تطل على ساحة تعّج بنماذج من القوارب التقليدية، وتحيط بها محلات تجارية لبيع التحف. وتنتشر المطاعم التقليدية التي كانت عبارة عن بيوت وكذلك المقهى الشعبي المصنوع من السعف، وساحة إقامة المهرجانات. وإلى جوارها قرية التراث، تجسد نشاط الناس الذين عاشوا هنا.

Email