الشرفاء قالوا كلمتهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان هتلر منتخباً، شعب ألمانيا منحه الأغلبية المطلقة، وأجلسه على كرسي الحكم، ورحبت به أوروبا في بدايات الثلاثينيات من القرن الماضي، وعقدت بعض دولها اتفاقيات ثنائية معه، فهو ديمقراطي مثلهم، التزم بالدستور والقوانين، وبادل المعارضين له الاحترام لفترة، وهي فترة التجهيز لما بعد التمكن والسيطرة، وهي فترة الانفراد، وإخراج ما كان يخبئه من أفكار عنصرية قائمة على العرق والانتماء، وانطلق بعد أن داس على مقومات الدولة الديمقراطية، تلاعب في الدستور، ووضع قوائم سوداء لفئات من شعبه، وحطم أركان المعارضة، فتحولت ألمانيا الوادعة البريئة منذ نهاية الحرب العالمية الأولى إلى وحش كاسر، وبدأ زحفه المقدس، طبعاً هو مقدس من وجهة نظره، ولكنه عدوان وغزو واحتلال وضم وقتل، حتى تجاوز كل الخطوط الملونة، ولم يكترث بأحد، أعماه الغرور، فاستصغر الكبير قبل الصغير، ولم يحفظ كرامة الدول والشعوب، ولم يتردد في وضع طوائف وأعراق في المعتقلات، حتى تورمت الذات المتكبرة، ولم يكفه جيرانه، فذهب بعيداً، وهناك استدرج حتى تفتت جيشه، وتشتت في مساحات واسعة من الأرض، وبمواجهة مباشرة مع دول كبيرة، وهزم على كل الجبهات، حتى انتحر في مخبئه السري.

تذكرت كل ذلك بعد بيانات الولايات المتحدة وبعض دول أوروبا التابعة والمترددة، في مسألة الاستدعاء الذي أعلنه المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بحق نتانياهو وغالانت، تلك البيانات التي ترفض محاسبة مجرم الحرب في المحكمة الدولية بحجة انتخابه من شعبه، وشعبه وقضاؤه من يحاسبونه، ولم ينسوا رفع شعار الديمقراطية، الشماعة التي يعلقون عليها أفعالهم المشينة، وقد أتاهم الرد من بينهم، أوروبا هي التي أجابت أوروبا، النرويج وايرلندا وإسبانيا، وفي أقل من 48 ساعة على قرار المدعي العام الدولي خرجت عن الطريق الذي كان يتحصن به مجرمو الحروب منذ 1948 وحتى الآن، طريق «إسرائيل على حق» سواء قتلت أو دمرت أو احتلت، ولا يمكن محاسبتها، بل على الجميع مساندتها، ولأن الدنيا لا تخلو من الشرفاء فكذلك أوروبا، والدول الثلاث التي اعترفت بدولة فلسطين دول شريفة قالت كلمتها.

 

Email