مسيرة عطاء وبناء

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس لنا غير الدعاء، مع فراق كل عزيز علينا، فنحن مؤمنون بقضاء الله وقدره، ونعلم أن الموت حق، ولكن نحن بشر، يؤثر فينا رحيل من نحب ونقدّر، ونحزن عندما نتذكر أفعال ومآثر من يفارقوننا.

وطحنون بن محمد بن خليفة آل نهيان، لو لم تره إلا بضع مرات في حياتك، يمثل لك تاريخاً لمسيرة حافلة بالعطاء والبناء في زمن النهوض والانطلاق، رحمه الله رحمة واسعة، وجزاه كل خير على ما قدم لهذا الوطن، وغفر له، وصبّر أحبّته، من الأسرة الكريمة إلى الأبناء والأحفاد والإخوة.

لن تنساه «العين»، تلك المدينة الوادعة بواحاتها وسط الصحراء، فهو فارسها من بعد زايد، طيب الله ثراه، وهو الموثوق الذي سلمت له أمانة غالية فحفظها، وسهر أكثر من خمسين عاماً على رعايتها، وحوّلها بجهد رجال رافقوه، وكانوا سنداً له، إلى «لؤلؤة» تزهو بين حدائقها، فإن بكته «العين» اليوم، كما بكت زايد وخليفة، فلا يلومها أحد، لأنها ستفتقد الشيخ الذي لا يهدأ، ولا ينقطع عن الناس، من يشاهدونه في كل مكان، وفي كل المناسبات، يتابع المشاريع، ويشهد امتداد المدينة، ويطمئن على وصول الخدمات لسكانها، ويسأل عن أحوال من يغيب عنه، ويتفقد المريض، ويصل إلى كل بيت له حاجة.

طحنون، يفارقنا اليوم جسداً، وتبقى سيرته العطرة بين كل من عاصروا مدينته التي أحبها فأحبته، ومن تابعوا المسؤوليات التي تولاها، من إدارة البلديات إلى الزراعة، ورئاسته لشركة البترول الوطنية منذ تأسيسها، وحكمته التي اشتهر بها تتحدث عن نفسها، ومن كانوا قريبين منه يعرفون أنه كان طوال حياته يجمع ولا يفرق.

خالص العزاء للوطن، ولرئيس الدولة وإخوانه وأبنائه، ولكل الناس، من عرفوا طحنون شخصياً، ومن عرفوه من إنجازاته، خالص العزاء للجميع، لانطفاء شمعة من شموع الرجال الذين وقفوا مع الأب القائد والمؤسس في رحلة بناء أسطورية.نسأل رب العزة، ونحن نودع فقيدنا، أن يسكنه فسيح جناته، ويصبر أهله وذويه.

Email