عشرون عاماً مضت، وكأننا ما زلنا نعيش في ذلك اليوم الحزين، التاسع عشر من رمضان في العام الميلادي 2004، رحل زايد فبكته الأمة، رحل الرجل الذي سال الخير من بين أنامله كالنهر، يجري إلى أقصى مدى، رابطاً القلوب التي لا تزال تلهج بالدعاء له.
طيب الله ثراه، وجزاه الله كل خير، وحفظ أبناءه وأحفاده، وجعل العطاء هي السمة التي تميز هذا البيت الكريم، وسخرهم جميعاً ليكونوا امتداداً، وهم كذلك، قلوبهم تفيض خيراً، وأسماؤهم تتردد في أرجاء المعمورة.
رحل الأب القائد المؤسس من بيننا جسداً، وما زال اسمه ملء الأسماع، هنا، بين ناسه، من عرفوه، ومن جاؤوا بعد ذلك، وهناك، من أقصى الشرق والغرب، وفي كل بقعة طبعت عليها بصمته، رحمة الله عليه، كان رمزاً في حياته، وسيبقى رمزاً وقدوة عبر الدهور والأزمان.
لم نفتقده يوماً، رأيناه في خليفة، ونراه في محمد، القائد الشهم، وهذه غزة تشهد بأن طرق الخير ما زالت موصولة، وستبقى بفضل الواحد الأحد، زارع المحبة في القلوب، من وهب الخير للخيرين، فحدثوا العالم بنعمة ربهم، لم يكنزوا الذهب والفضة، ولم ينتظروا ربحاً في الدنيا، وحولوها إلى من يحتاجون عوناً، وكانوا خير عون، بمستشفياتهم وخيامهم وآلاف الأطنان من الغذاء والدواء، وبريادة تدونها سجلات البشرية.
اللهم إنا نسألك في هذا اليوم، ونحن على مشارف العشر الأواخر من شهرك الفضيل، أن ترحم «زايد»، وتجزيه من نعمك في جنة الخلد، وأن تحفظ لنا خلفه الصالح، وأن تزيده صلاحاً على صلاحه، وتديم عليه فضلك، وتكمل مساعيه، وتكللها بالنجاح والثبات، وتجعله كما عهدناه، شهماً كريماً مبادراً إلى الخير، وتزيده من نعمك ليكون عوناً لكل محتاج ومظلوم، ونسألك اللهم أن تحفظ أبناءه، وتحبب إليهم فعل الخير، وأنت السميع المجيب.