الهلال وهواة الفلك

ت + ت - الحجم الطبيعي

يتجادل المتجادلون حول دخول شهر رمضان، والهلال إن كان قد ولد أو لم يولد مساء الأحد، وغالبية الأمة صامت الاثنين بعد الاطمئنان على رأي الجهات المختصة واعتماده من أصحاب القرار، أما الذين كان لهم رأي آخر ويضعون شروطاً خاصة بهم، فالقرار عندهم، هم أصحابه، وهم من بيدهم الأمر، يصومون الثلاثاء وحتى الأربعاء فلا يعيبهم ولا يعاتبهم أحد.

أولئك المتجادلون هم هواة الفلك ورصد الكواكب، الفئة التي جعلت من نفسها المسؤولة عن رؤية الهلال، ومتى يصوم الناس ومتى يفطرون، وهم ليسوا أكثر من هواة، أحبوا «المناظير»، وأعجبتهم مشاهد السماء الصافية بنجومها، واطلعوا على كتب قديمة، وحفظوا مسميات أجنبية قبل العربية، وثقفوا أنفسهم في هذا المجال الشاسع، والتحقوا بجمعيات فلكية هنا وهناك، ولا يتعدون كل ذلك، ولا يمكن أن يؤخذ برأيهم كما تؤخذ آراء العلماء الدارسين، فهم كما قلت وأكرر مجرد هواة مثلهم مثل من قرأ كتاباً أو بضعة كتب في الفقه واعتقد بأنه أصبح مفتياً.

أحد هؤلاء الهواة خرج علينا ببيان غريب وعجيب قبل غروب شمس يوم الأحد، محذراً ومهدداً إن أعلن عن رؤية الهلال في بلاده بعد الغروب سيتوقف عن الرصد الفلكي، وسينضم إلى «القطيع»، والقطيع هنا هم الناس أجمعون!

والآخر عندما شاهد صور الهلال مساء الاثنين، وهو في عمر يزيد على اليوم الأول، استنكر ذلك، وقال كلاماً لا يفهم منه شيء، مثل «إن رصد الهلال الليلة ليس دليلاً على صحة أو عدم صحة ادعاء أمس»، ثم يقول إنه لم يشكك في صحة صوم الاثنين مستخدماً مقولة قديمة «فالصوم حين يصوم الناس»، ومثل هذا الكلام هو التشكيك بعينه!

لم نسلم من هواة الفلك في تصريحاتهم اليومية حول الأجواء، حالة الطقس، والتي يتلاعبون خلالها بأعصابنا، وكان آخرها الحالة الجوية في نهاية الأسبوع، فإذا بهم يحاولون أن يقفزوا إلى رمضان، وللعلم فإن بعضهم ذكر أن غرة رمضان ستكون يوم الاثنين 11 مارس، وتراجع ليكسب متابعة في حسابه في اليوم الأخير، ونحمد الله أن شؤوننا عند ولاة أمورنا.

Email