إغاثة الشقيق واجب

ت + ت - الحجم الطبيعي

الفرق شاسع بين من يعمل ومن يتكلم، الأول هو الذي يعطي دون منة أو تفاخر، والآخر يطلق الشعارات، ويجند الأتباع، ويدير حملات دعائية، وفي النهاية لا يقدم غير عبارات خاوية لا تغني ولا تسمن من جوع.

وفي أزمة غزة تحدث كثيرون، ومن خلفهم جماعات تطبل لهم، وعند ساعة الجد، وقت الحاجة، لحظة تكالب أيدي مجرمة ضد شعب أعزل، عندها اختفوا، وبلعوا ألسنتهم، ولم تصل إلى أبواب المعابر من شاحنات أغذيتهم وأدويتهم إلا ما يكفي للتصوير!.

وفي أزمة غزة لم يتحدث أصحاب الأيدي البيضاء، الأشقاء الذين لا يطلبون شيئاً مقابل عطائهم، فكانت المساعدات هناك عند مشارف رفح تنتظر العبور، وقد عبرت مئات تلو مئات من الشاحنات، وفاعل الخير، من يسند إخوته، لا يلتفت نحو أحد، ولا يهمه كلام أحد، هو الذي يتطوع، وهو الذي يبادر، وهو الذي يخترق القنوات الدبلوماسية حتى يصل إلى الهدف، وهو شعب غزة.

ولأن الشهامة خصلة مكتسبة، جذورها ممتدة، وأهلها يشار إليهم بالبنان، سيماهم في وجوههم، يعرفون بجودهم، فلا يتحدثون ولا يجادلون، بل نراهم في الصفوف الأولى يقفون، عبر فارس شهم وطيور خير، ووصلت ما يزيد على 200 طائرة شحن، وعدة سفن إلى العريش، بعضها يحمل المأكل والملبس، والبعض الآخر يحمل الدواء والخيام، ووصل المستشفى الميداني الذي حل مكان ما هدم من مستشفيات غزة، ونقل المرضى المحتاجين إلى علاج للخارج، أطفال قطع عنهم الأوكسجين، وكبار انقطع عنهم العلاج في الداخل، ووصلت محطات تحلية المياه لتعوض النقص بعد تدمير البنية التحتية للقطاع، ووصلت الأيدي الحانية إلى الذين انقطعت بهم السبل في الشمال، أولئك المعرضون إلى المجاعة المقصودة من جيش غرته قوته، وتحركت طائرات من الإمارات مع طائرات من مصر لإنزال المساعدات العاجلة.

وقبل يومين صدر بيان أمريكي أوروبي بريطاني إماراتي حول مساعدات تجمع في قبرص، وميناء مؤقت على شواطئ غزة، منه تدخل تلك المساعدات، دون ضجيج ودون حملات دعائية، الفعل هنا، في الإمارات، هو الذي نراه قبل أن نسمع عنه، وهو الذي يتحدث عن نفسه، فهذا وقت يحتاج إلى مد يد العون، وليس إلى أقوال تتبخر في الهواء، وهذا هو الفارق الذي يفصل ما بين من ينظر إلى العطاء كواجب، وبين من يريد أن يتفاخر بشحنة أرسلها على استحياء!.

Email