دموع الظالم

ت + ت - الحجم الطبيعي

وجد نفسه محاصراً، من كل الجهات، في الداخل هناك ضغوط عائلات المختطفين ومسيراتهم الاحتجاجية على مواقفه، والتي يزداد عدد المشاركين فيها يومياً، وخارجياً اقتربت الاعتراضات على سلوكه من الذين كانوا أصدقاء إلى حد التوبيخ والابتعاد عنه قدر المستطاع، وحتى من كان لا يخالف لإسرائيل رأياً، ولا يصدر لها الأوامر حتى لو خالفت قوانين وتشريعات الأرض والسماء، الداعم الأول، والأكثر سخاء، الولايات المتحدة، رفعت في وجهه إشارة «قف»!

ذلك هو نتانياهو، المحشور في زاوية الإبادة والغطرسة والوحشية والكراهية، ومثله لا تعييه الحيلة، يفكر ويدبر، ويخطط لحملات إعلامية ودبلوماسية، يصنع قصصاً من خياله، ويصطنع أدلة مزيفة لها، ويشتت الانتباه، يريد أن يبعد العيون عنه، يعود إلى البداية التي كانت فاعلة في السابق، إلى «المسكنة» وإثارة المشاعر، يتحول فجأة إلى مسار المظلومية، ويفتح النار بقنابل صوتية، وهو يعرف أن أغلب الوسائل المتاحة في العالم لنقل رسائله الحزينة مفاتيحها في درج مكتبه، ويوجهها إلى الأمم المتحدة، وإلى أمينها العام، رغم أن هذه المنظمة أثبتت بكل الطرق المشروعة أنها عاجزة، بل شبه مشلولة، ولكنه كان يريد هدفاً يُطلق عليه إعلام موجه وتابع حتى يلفت الأنظار عنه ويقلل من الضغوط الدولية!

وانحرف كثيرون خلفه، حتى الإعلام المعارض له حول مؤشرات محطاته ومواقعه نحو اغتصاب مزعوم في السابع من أكتوبر، والتفت الجميع إلى تقارير تبني رأيها على كلمات مثل «ربما» و«قد يكون» و«هناك شكوك»، وبدأ التجاهل المتعمد، لاستمرار مأساة غزة، والتي فاقت كل المآسي البشرية في العصر الحديث، غزة التي يمنع وصول المساعدات إلى جرحاها ومشرديها، غزة التي يصر على تدميرها بالكامل، ويرفض المشاركة في مفاوضات وقف إطلاق النار، غزة التي جعلت العالم كله يضغط ويدعو إلى وقف ما يحدث لشعبها.

سيهرب نتانياهو بإطلاق مفرقعات صوتية مدوية كما يعتقد، ولكن الحقيقة مازالت تلاحقه، فمن يظلم لا يمكن أن يكون مظلوماً حتى لو ذرف الدموع!

 

Email