عندما تتلاعب الشياطين

ت + ت - الحجم الطبيعي

ذهبوا إلى القاهرة من جديد، حملوا معهم الشروط والاعتراضات على الشروط، ولم ينسوا الشروط على الشروط، يقال إنهم يحاولون، ويبذلون أقصى الجهود، للتوصل إلى اتفاق قبل شهر رمضان، يريدون وقفاً لإطلاق النار في الشهر الفضيل، تحبس خلاله الشياطين، ليتوقف سيل الدماء، ويصل الزاد إلى أفواه من تركوا في الخلاء جوعى، ويحصل المريض على جرعة دواء هو بأمس الحاجة إليها، وتنصب للمشرد خيمة، وتمنع عنه تقلبات الأجواء، ولكن هناك «إبليس» في الجانب الأيمن، وآخر في الجانب الأيسر، ما زالوا عطشى بأمر من كبارهم، يريدون الارتواء أكثر وأكثر، لم يكفهم ثلاثون ألفاً من الضحايا، البشر الضحايا، الذين لم يرفعوا سلاحاً، ولم يقفوا في وجه دبابة، وعشرات الآلاف من الذين يعانون في كل لحظة، جرحى تبتر أطرافهم لنقص العلاج، وأطفال يموتون ببطء في خرائب كانت ذات يوم مستشفيات، وبيوت تهيم حول أنقاضها قطط وكلاب، ومساعدات لا تصل إلى الأفواه، أفواه الجائعين، تسرق قبل أن توزع، وتحرق قبل أن تصلها أيدي المظلومين، وقذائف تقتل من يصل إلى الشاحنات.

الوسطاء بحاجة إلى إسناد، في القاهرة كما في الدوحة وباريس، الأفكار الشيطانية تدمر كل الحلول، تعرقلها وتصعد من طلباتها، مرة من نتانياهو، ومرة أخرى من هنية، حتى الرئيس الأمريكي جعلوه «يتوه» بينهم، وهو الذي خرج من اختبار فحص «قواه الذاتية» سعيداً، فاندفع في تفاؤله بقرب الاتفاق، هذا الرئيس خذل، وتراجع عن توقعه باتفاق يبرم اليوم، الاثنين 4 مارس، وخلال ساعات قليلة «بلع» كلامه، وتمنى أن يكون هناك اتفاق بعد الاثنين!.

ما زالت غزة تتنفس، وما زال المتفاوضون يشترطون، ومازال الوسطاء يأملون، وما زال «إبليس» وأحفاده يتلاعبون بالبشر والحجر والشجر، ويضربون بقوانين الإنسانية عرض الحائط، ومثلهم لا تهمهم حياة غيرهم، ولا يسألون عن رمضان، فهم غير معنيين بقيمة هذا الشهر المبارك.

Email