اليوم التالي بألف وجه

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما زال نتانياهو يبحث عن «اليوم التالي»، ولم يجده، ولن يجده حتى لو بحث عنه تحت أنقاض غزة، ولذلك نراه يتخبّط، مواقفه وأقواله تتغيّر وتتصادم ببعضها البعض، فأصبح مثل ذلك الذي أضاع عمره وهو يبحث عن «بيضة الديك»!

فاليوم التالي له ألف وجه، تحكمه النوايا والقوة والثبات والنظرة الواقعية للمستقبل، قد يكون لكل شخص في إدارة حكومة الحرب الإسرائيلية رأي في اليوم التالي، والذي يقال بأن المقصود منه هو اليوم الذي يلي وقف إطلاق النار، ولكن المجموعة التي تملك القرار في تلك الحكومة تتضارب مصالحها في التفسير لهذا اليوم الموعود، فمنهم من يهمّه الاستيطان وتوسيع رقعته، ومنهم من يريد أن يبني مدناً من الخيام في الصحراء لسكان غزة تمهيداً لضمها، ومنهم من ينظر إلى أراضي سيناء المصرية بديلاً، ومنهم من يريد نصراً يحصّنه ضد المساءلة.

مجموعة متغطرسة ما زالت تفكّر بعقلية الجيل الاستيطاني الأول، وسيلتها القتل والمنع والتشريد وسلب الأراضي، والعالم يتغيّر، لم يتجمّد مع جمود تلك المجموعة، ولا يريد أن يعود إلى عصور الهمجية، وهذه الحرب التي نعايشها منذ 7 أكتوبر وحتى الآن تشهد على ذلك، فالذين وقفوا مع إسرائيل في البداية تحت بند «معاداة السامية»، نراهم قد تراجعوا، وذهبوا بعيداً عن المسار الذي اختاره نتانياهو لأنه مليء بالدماء، ومن يخوض في الدماء لا يخرج منها، وكان الرئيس الفرنسي ماكرون أكثرهم وضوحاً وصراحة، عندما قال قبل يومين «إن الاعتراف بدولة فلسطينية لم يعد من المحرّمات بالنسبة لفرنسا»، ومعنى ذلك الكلام أن ما كان محرّماً، مثل مخالفة إسرائيل أو معارضتها، والتبعية العمياء من الغرب لما تمليه عليهم قد ذهبت أدراج الرياح!

اليوم التالي الذي يريده نتانياهو بعيد المنال، لن يراه، لا هو ولا الذين معه، مثل وزير الطاقة الذي قال بالأمس «إذا كان ثمن توسيع اتفاقيات السلام دولة فلسطينية، فأنا أتخلى عن اتفاقيات السلام»، فهذا الطرح المشوّش يعيدهم إلى الخلف، إلى اليوم السابق، إلى يوم أو دهر جديد من العزلة.

 

Email