صحوة ضمائر

ت + ت - الحجم الطبيعي

اكتشف الأوروبيون بعد فوات الأوان، أن إسرائيل ليست منزهة عن الأخطاء، وليست معصومة، وبدأت الملفات تُفتح، بعيداً عن الإحساس بالذنب، فالذي يحدث اليوم في غزة، تجاوز الاضطهاد والمعتقلات والغطرسة الهتلرية!

سبعون عاماً مضت على تجمع اليهود في فلسطين، وإنشاء دولة لهم، بعد طرد أهلها، وارتكاب مجازر في عشرات القرى، وتحويل شعب إلى مجرد رقم في كشوفات منظمات الإغاثة والمساعدات، وأسكنوهم الخيام وبيوت الصفيح، وحولوهم إلى الشتات، دون أن يتعاطفوا معهم، ومع ذلك، حولوا من ظلموه في الثلاثينيات والأربعينيات إلى ظالم، وتحول مرتكب الجرائم ضد الإنسانية في أوروبا، إلى داعم لمن يرتكبون جرائم تفوق جرائمهم!

أوروبا ما زالت تدفع تعويضات لضحايا التمييز الديني، الذي ارتكبته ضد مواطنيها اليهود، ولم تحاسب نفسها على تسليم فلسطين لغير أهلها، تحت قوة السلاح وقوانين الانتداب، وذهبت التعويضات إلى الدولة التي ما زالت تطمح في اتساع رقعتها، وترفض رفضاً قاطعاً رسم حدودها، وخرائط الأطماع معلقة خلف مكاتب رؤساء حكوماتها، وقد شهدنا كيف تراكض كبار أوروبا إلى نتنياهو، وحجم التأييد الذي وجده منهم، فور قيام الفئة المارقة بفعلتها الكارثية على غزة وشعبها في 7 أكتوبر، ولكن اللاحق كان أكبر من أن يتم تجاهله، رغم كل التبريرات التي قدمها قادة أوروبا والغرب بكامله، فالشعوب لم تسكت، والتساؤلات لم تتوقف، والدماء والجثث والأنقاض لا تكذب، وعندما فاض الكيل، وتمادى «جالانت» وجيشه، و«بن غفير» وميليشياته، استيقظت أوروبا من سباتها، أو من الخديعة التي كانت تعيشها، وبرضاها، أيقظتها ردة الفعل غير المبررة، فلا مستشار ألمانيا، ولا وزيرة خارجيته، ولا سوناك أو ماكرون، أو رئيس وزراء كندا أو أستراليا وإيرلندا وإسبانيا، يستطيعون وضع المبررات لأفعال يحركها الحقد والكراهية، وليس الحق، فأصدرت تلك الدول تحذيرات إلى حكومة نتنياهو من الإقدام على اجتياح رفح، تجنباً لجريمة جديدة ضد الإنسانية!

هي صحوة ضمائر تشهدها أوروبا اليوم.

Email