مصر والعابثون

ت + ت - الحجم الطبيعي

العبث مع مصر ثمنه غالٍ، فإذا كان نتنياهو لا يعرف ذلك لأنه من جيل ما بعد الثمانينيات، فليسأل من لا يزالون على قيد الحياة من السياسيين والعسكريين الإسرائيليين، أولئك الذين ذاقوا مرارة الهزيمة في 73 وهم المنتصرون في 67، هم من عزفوا الألحان على «حرب الأيام الستة»، ومن منحهم العالم المساند لهم شهادة التفوق والامتياز، وقالوا إنهم يملكون جيشاً لا يقهر، ولم يسعدوا طويلاً، فقط ست سنوات فإذا بهم يقهرون في بضع ساعات، سقطت خلالها أسطورتهم، وتشتت حلمهم، ودفن ذلك السد الذي شيد على الضفة الشرقية لقناة السويس، تطاير ترابه، وانكشفت قوة الضعفاء، واختلت موازينهم، فالإرادة كانت أقوى من الاحتلال، ونصر أهل الحق كتب على جبين المعتدين، ولم تصمد الأسماء التي كانت تملأ الدنيا ضجيجاً، وبدأت تختفي اسماً خلف اسم، ورمزاً خلف رمز، وعادت بعدها سيناء المغتصبة بسواعد الرجال الأفذاذ، وفككت المستوطنات بأمر من كانوا في موقع «بيبي» الحالي، وبإشراف من كان وزيراً للدفاع مثل «جالانت» الذي يقول إن جيشه سيستمر في الضغط عسكرياً حتى يحققوا النصر ويستلموا الرهائن.

أولئك كانوا تلاميذ «بن غوريون»، ومن بينهم جولدا مائير وموشيه دايان، وخلفهم قوة سياسية تضم بيجين وشامير وبيريز ورابين، وبارليف صاحب السد الترابي الذي لم يسبقه سد في فكرته وحجمه، وهو الذي انهار في ساعتين أو ثلاث، وتخطته قلوب تهفو إلى الأرض السليبة، تحت قسم النصر أو الشهادة، و«بيبي» الذي لا يناديه جو بايدن رئيس الدولة الملاصقة للمكسيك إلا به، وينسى أن عبدالفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، نتيجة «المزح» أو «الخرف»، هذا البيبي يريد أن يهرب من نهايته السيئة بلعبة عبثية مع مصر، ولم يسأل جيداً عن مصر، ولم يقرأ عن نهاية إمبراطوريات عبثت مع مصر، فكان مصيرها الغرق في رمال مصر التي لا تقبل بدنس المعتدين.

 

Email