منعاً للانفلات

ت + ت - الحجم الطبيعي

تدارك الاتحاد الأوروبي مخاطر الذكاء الاصطناعي المستقبلية، وأصدر تشريعاً لتنظيم استخدامه، وليس منعه، فنحن لسنا في العصور الوسطى، عندما كان الأوروبيون يرفضون كل جديد، ويكفرون أصحاب النظريات العلمية، أو الاكتشافات العلمية بعبارة أدق، وحكاية من قال إن الأرض «مكورة» معروفة، وما حدث له ما زال يوصم الأوروبيين بالعار!

العلماء غير المرتبطين بالمصالح الشخصية والمنافع الذاتية كانوا صرحاء، عندما حذروا من انفلات الذكاء الاصطناعي، وترك جهات الاستخدام هي التي تحدد مجالات استخدامه، وشركات التصنيع والتسويق تسمح له بالتطور الذاتي، حيث لا يمكن أن يسيطر عليه البشر بعد فترة وجيزة، بل على العكس، هو الذي سيسيطر على البشر، وقد يؤدي إلى فنائهم!

نتيجة لذلك تنبه الأوروبيون، وأخضع الذكاء الاصطناعي للدراسة والبحث والتجربة، وأكدت المخاطر التي حذر منها العلماء، ومع عدم اطلاعنا بعد كل التشريع الذي أصدروه، يمكننا توقع محتواه، وأهم نقاطه دون شك ستكون القيود التي ستحكم المنتجين والمستخدمين معاً، مع تشكيل أجهزة رقابة رسمية تمنع التجاوز في إمكانات البرمجيات المباعة أو التلاعب بها، وتحديد الجزاءات ضدهم، فهذا العلم الجديد سيخدم البشرية كثيراً إذا استخدم من أجلهم، وسيضرهم أكثر إذا وقع في يد من يبحثون عن الثروات فقط، ومن يتابع بدايات هذا الذكاء يمكنه أن يكتشف وبسهولة أن مثل هؤلاء بدأوا فعلاً يرضون فئات منحرفة وضالة بتوفير ما يسهل أعمالهم، ويحقق لهم الانتشار والأرباح بنفقات لا تذكر، وتلك الفئات قد تبدأ من تجار المخدرات والعقاقير المحظورة، وتنتهي عند المتطرفين والإرهابيين!

ذلك كان الرد الأوروبي، وأوروبا ليست كل العالم، وليست قوانينها ملزمة في الدول التي لا تنتمي إلى اتحادها، والمسؤولية تحتم على الجميع حماية أنفسهم من انفلات الذكاء الاصطناعي وخروجه عن السيطرة، والحماية تكون أولاً بتنظيم استخدامه، وإخضاعه للرقابة الصارمة منعاً للانفلات.

 

Email