«وصمة عار»

ت + ت - الحجم الطبيعي

لأول مرة أتفق في الرأي مع بنيامين نتنياهو، طبعاً مع الفرق بيني وبينه، أقولها بتواضع الإنسان العادي، ومن دون حرج، فهو الرجل القوي، الباحث عن بطولة يسجلها التاريخ، وتحفظها أجيال من بعد أجيال لمئات السنين، وهو صاحب اليد الطولى، والذراع التي إذا امتدت لا تجد من يقف في وجهها، كباراً كانوا أو صغاراً يحسبون على الفئة التي لا حول لها ولا قوة، وهو من يطلب الغرب رضاه، سواء كان على حق أو كان مخطئاً، الفارق بيننا يقاس بالمسافة الفاصلة ما بين السماء والأرض، في المكانة أو في الفكر والانتماء وثقافة التعامل مع البشر. ومع ذلك، ولأول مرة، أعجبتني جملة قالها بعد قرار المحكمة الدولية في لاهاي، وهي «إن قرار المحكمة وصمة عار لن تُمحى».

وهي كذلك، وصمة عار لن تمحى. فالقرار، وبعيداً عن كلام كل الفلاسفة الذين جعلوا من أنفسهم محامين وقضاة، وتطوّعوا لإحداث «بلبلة» في عقول الناس، وفسّروا كل كلمة على حدة، وجعلوا كل جملة منفصلة عن الأخرى، كان واضحاً في قبول الدعوى عندما قالت المحكمة إنها «تؤكد اختصاصها القضائي في النظر بدعوى جنوب أفريقيا ضد إسرائيل»، وإنها «لن ترفض قضية تتهم إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية بقطاع غزة»، وآخرها إمهال إسرائيل شهراً لتقديم التدابير التي ستتخذها لمنع الإبادة في القطاع، مع التزامها، أي المحكمة، بمعاقبة من ينتهك اتفاقية منع الإبادة الجماعية، وأن جنوب أفريقيا لها الحق في رفع قضية ضد إسرائيل.

هي «وصمة عار» لطّخت تلك الصورة التي تم تسويقها في الغرب الديمقراطي، وسحبت «ذات الدلال والجمال» إلى المكان الذي يليق بمن يرتكب ما ارتكبته، ولن تُمحى هذه الوصمة، كما قال بنيامين نتنياهو، وكما كنت أريد أن أقولها، ولكنه سبقني إليها، وعبّر عن رأي العالم كله، مع استثناء بعض حكومات الغرب، رغم أننا نختلف في معنى تلك الوصمة وذلك العار والاتجاه الذي تذهب إليه!

 

Email