«لاهاي» والقرار المنتظر

ت + ت - الحجم الطبيعي

العيون متجهة نحو «لاهاي» اليوم، هناك في هولندا الأوروبية، في انتظار قرار محكمة العدل الدولية التي تنظر في الدعوى المرفوعة من جنوب أفريقيا، الدولة الرمز في رفض العبودية والعنصرية والتمييز العرقي، والمناضلة المضحية من أجل حريتها واستعادة كرامة شعبها، الدولة التي حملت همّ شعب يقتل دون سبب، ويضطهد بأمر القوة الغاشمة، وقدمت شكوى لمحكمة يُقال إنها دولية وإنها عادلة ولا تقبل بالظلم، حتى تري العالم كيف يمكن أن يكون للعدل وجهان، وكيف يمكن أن يكون للضعيف أعوان، وكيف يقف من عانى مع من يعاني الآن، فالحق يتبع الطرق التي تثبته وتؤكده، حتى ولو كان مرتكب الجريمة من الذين لا يسمحون للحق بالمرور عبر تلك الطرق، لأنه المدلل الذي لا يعاتب ولا يلام، وبالتأكيد لا يحاسب ولا يحاكم، بأمر من الكبار، كل الذين ينتمون إلى الغرب، فهم ضعاف يخشون الاقتراب من إسرائيل ومساءلتها.

القرار الذي ستعلنه المحكمة اليوم ليس مهماً بقدر أهمية المحاكمة، فهذه سابقة، والمدافع عن المظلومين فيها ليس من البلاد العربية المتعاطفة مع إخوانها في فلسطين، والمشكو في حقه- حسب علمنا- يقف مدافعاً عن نفسه في قضية جنائية دولية للمرة الأولى، وهذا يكفي، فالصورة المبهرة بدأت «تبهت»، والعيون المغمضة فتحت، والمجاملات تحت الضغوط الغربية غابت، نتيجة للفعل غير المبرر، الذي أخجل المؤيد، وجعله يفكر قبل أن يشوه سمعته، وبقي نتنياهو بعد ثلاثة أشهر من الحرب غير المتكافئة وحيداً، ليس معه غير المتشددين بعد أن خسر كل المتعاطفين، حتى من تراكضوا نحوه مقدمين كل العون والمساندة بعد 7 أكتوبر.

إذا أدينت إسرائيل اليوم، وقالت المحكمة إن ما تقوم به إبادة جماعية وجريمة حرب يجب وقفها فوراً، أو إذا رحلت المسألة إلى المناقشات والمرافعات التي تحتاج إلى سنوات، فالنتيجة واحدة، وهي أن أحداً لن يستطيع أن يجبر إسرائيل على الانصياع، فما زال هناك داعم كبير، وما زال هناك غرور بالقوة، ولكن الباب سيبقى مفتوحاً، والقضايا ستجمع، وأخيار العالم لن يسكتوا.

 

Email