يتلاعبون بالكلمات والأرواح

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما بال أصحاب الأردية البالية يتلاعبون بالكلمات، ويطلقون عبارات لا يفقهون معانيها، هذا «يشطح» شرقاً، وذلك «يرمح» غرباً، ولو أمسكنا كل واحد منهما من لحيته التي يتستر خلفها، واستحلفناه بأغلظ الإيمان أن يشرح لنا ماذا يعني، لما تمكن من ذلك.

نحن لا نزال نحاول أن نبلع تفسير خالد مشعل لما حدث في السابع من أكتوبر، وها نحن أنهينا بالأمس مائة يوم، ولم يمر ما قاله، لا من القصبة الهوائية، ولا من المريء والحجاب الحاجز والأمعاء الغليظة والدقيقة، ما زال كلامه «يتراقص» أمامنا، نأخذه حرفاً تلو حرف وكلمة بعد كلمة، ونفتح قواميس وشروحات النحويين، ولا نصل إلى من يفسر معنى «مغامرة مدروسة»، فهذا ما تمخض عنه ذلك «الجبل» المفرغ من الداخل، يوم سئل عن ما يمكن أن يحدث لأهل غزة، فقال كلمتين لا يمكن أن تردا في جملة واحدة، حتى لو استعنا بالذكاء الاصطناعي، فالمغامرة تعني القيام بعمل طائش ومشكوك في نتائجه، و«المدروسة» تعني التفكير والتوقع وتحقيق نتائج إيجابية.

وقبل أن نحل المعضلة الأولى ظهر علينا «فيلسوف» آخر، من الصنف نفسه، كلاهما يلعبان في فريق «التابع والمتبوع» ويفخران بذلك، لهذا نراهما يضحكان عندما يقتل الناس بسببهما، ويغالطان العين والعقل وما بينهما، فارتفاع أرقام الذين يسقطون خلفهما يعتبر نصراً في نظرهما، ونعود إلى «نصر الله»، الذي ما زال يتحدث بلسان غير اللسان اللبناني العربي، ذلك الهاوي للخطابات المسجلة والجمهور المرصوص في ساحة «التصفيق القسري»، فقد أتحفنا بكلمتين مثل صاحبه وحليفه صاحب المنتجع، وخيب ظن من كانوا يتوقعون منه شيئاً لا نعرف ما هو، فإذا به يتحدث عن «حسابات مضبوطة» لمواجهة الأحداث، فاختصرنا الطريق، ولم نبحث في بطون «أمهات كتب النحو» ولكننا بدأنا نحسب الأشياء كما تعلمنا في المدارس، فإذا بنا نكتشف أن «واحد زائد واحد» يساوي صفراً!

وقبل أن نفيق سمعنا شخصاً ثالثاً يتحدث عن «الصبر الاستراتيجي»، ولم نتعب أنفسنا معه، لأنه مثل الاتباع يتلاعبون بالكلمات كما تلاعبوا بالأرواح.

 

Email