البيان الثلاثي والرد الحاسم

ت + ت - الحجم الطبيعي

جاء بلينكن إلى المنطقة، وتجول بين عدة دول، وكما جاء رحل.
لن نقول رحل خائباً، لأنه في الأصل لم يأتِ وسيطاً أو حاملاً بين يديه مشروعاً للسلام، وقراراً حاسماً من إدارته بوقف فوري للحرب ضد غزة، بل كان يحمل مقترحات مؤيدة لأفكار نتنياهو و«هلوساته»، وبمعنى أدق كان مسوقاً ومروجاً لتلك الأفكار، وكان الفشل واضحاً على ملامحه وهو يتحدث مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي كان ينتظر الأخبار المفرحة، فإذا بها محزنة للاثنين.
لم يحمل وزير خارجية الولايات المتحدة رأي بايدن، ولكنه حمل دعوات «بن غفير» والوزراء الآخرين في حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف، وكأنه يترجم كلامه السابق بأنه يمثل الجانب الإسرائيلي قبل تمثيله للإدارة الأمريكية، وقد غاب عن باله شيء واحد، وهو أن أي دولة عربية أو قائدها لا يمكن أن يكون شريكاً مساهماً في التنازل عن حقوق فلسطين الدولة والشعب، وأن الزعماء العرب الذين التقى بهم لا يساومون ولا يوافقون على المقترحات التي ترسخ الاحتلال وتسلب الحقوق.
بعد 24 ساعة من رحيل بلينكن صدر توضيح علني من الدول الثلاث المعنية أكثر من غيرها بالقضية الفلسطينية، مصر والأردن والسلطة الفلسطينية، وفي بيان مشترك صدر باسم قادتها كان الرد حاسماً في جملتين لا أكثر «رفض تصفية القضية الفلسطينية، ورفض الفصل بين غزة والضفة الغربية»، والقصد هنا لا لبس فيه وإن لم يذكر، وهو أن الطرح الأمريكي الذي حمله بلينكن مرفوض، لأنه يشجع الجريمة التي ترتكب، وما سيليها من جرائم، بمسح معالم غزة، وتحويلها إلى أرض جرداء، وإقامة المستوطنات مكانها، وتهجير سكانها إلى الخارج طوعاً أو قسراً، أو إخضاع ما يتبقى من القطاع للاحتلال العسكري الإسرائيلي وتعيين إدارات مدنية صورية للمناطق المتطرفة في الجنوب والغرب، مع «زرع» المستوطنات المسلحة للفصل بينها.
ذلك الرد الثلاثي يحمل في طياته الموقف العربي الموحد، المبني على حل لا يمكن قسمته، وهو إقامة الدولة الفلسطينية كاملة السيادة على أراضي 1967، في الضفة وغزة المتصلتين والمنضويتين تحت علم واحد، ومقابل ذلك يكون السلام والاستقرار.

Email