2024

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان العالم أكثر تفاؤلاً في السابق، مع نهاية عام واستقبال عام جديد، كان هناك شيء من الفرح يرتسم على الوجوه، ويعبر عنه في التصرفات، سواء في الاحتفالات المغلقة أو المفتوحة، وكأن الناس يريدون أن يغسلوا هموم سنة طويلة ليلجوا الأول من يناير وقد نسوا كل محزن وصعب مروا به، رغم أن التاريخ والأرقام لا تغير شيئاً.

وكان العرافون، الكذابون، يضحكون عليهم، كل واحد منهم في تخصصه أو ما يجيده، هذا يتحدث عن الأبراج، وتلك تدير كرة بلورية، وثالث يتنبأ بأحداث، ومع ذلك كانوا أيضاً يتبعون سياسة التفاؤل بقصد إدخال السعادة إلى قلوب من يسمعونهم، وينتظر كل واحد تحقق ما قيل، ولا يتحقق شيء، بل قد يحدث العكس، وتتراكم المصائب، ومع ذلك تجدهم في نهاية العام يبحثون عن أولئك المنجمين!

واليوم، الأمر مختلف، فالكل متشائم، لا ينظر إلى قبل هذا اليوم الذي نحن فيه على أنه شيء آخر، فهذا جيل آخر، جيل نصفه من البشر، والنصف الثاني من عشيرة «الروبوتات»، هاتفه لا يسقط من يده، فإن حدثته عن شخص عبث في «غوغل» ليتأكد من أقوالك، وإذا تمنيت له عاماً سعيداً عدد لك المآسي التي يمر بها العالم، فلا يترك لك فرصة للتفاؤل، ولا يسمح لك بأن تكون إيجابياً في نظرتك للعام الجديد، تقول له الأمن والسلام وحقوق الإنسان، يقول لك أوكرانيا وغزة واعتراف «البابا» بزواج المثليين، تحدثه عن الأجواء الجميلة في شتائنا الرائع، سيرد عليك بتقرير نشره خبراء في إحدى الجامعات الأمريكية، يبشرون البشرية جمعاء بأن سنة 2024 ستكون الأكثر سخونة عبر التاريخ، وتقول له وماذا عن «ماغي» و«ليلى»، فيقول لك ربما تكونان أكثر صدقاً من الخبراء والمحللين وأصحاب التوقعات المبنية على المعطيات المجمعة من المؤشرات، فالكذب أحياناً يكون أصدق من الصدق!

أرجو المعذرة، لم أقصد التشاؤم، لأنني دوماً أنظر إلى ما هو آتٍ، متوقعاً الخير، ولا يخيفني الغيب، فالغيب علمه عند خالق الكون، وكما نريد السعادة والفرح، نؤمن بأن الشدة والحزن من سنن الحياة.

وكل عام وأنتم بخير.

Email