لغة هانت على أهلها

ت + ت - الحجم الطبيعي

مشكلة أمهات وآباء الجيل الجديد أن أغلبيتهم يتفاخرون باللغة الإنجليزية، فأصبح الأبناء محاصرين من كل الجهات، لم يتبق لهم شيء، حتى الرسوم المتحركة وما تقدمه الأجهزة اللوحية (الآيباد)، لا تعرف العربية، فمن أين سيتعلم طفل هذه الأيام لغته الأم؟

وحتى لا نضع الجميع في سلة واحدة، أقول لكم، إن هناك من يهتمون بإرثهم وإرث أمتهم، ويصرون على فرض العربية في بيوتهم، ولكنهم قلة، بل قلة قليلة تكاد لا ترى ولا تسمع، تطغى عليها الأكثرية الغالبة، تلك التي تجبرنا على تقبل الأمر الواقع الذي نتج عن اختلاط في المفاهيم والمعايير التي غُفل عنها، حتى وصلنا إلى مرحلة يقول لنا فيها الطفل الذي لم يتجاوز الخامسة من عمره وبالإنجليزية «أنا لا أتحدث بالعربية»!

ذلك طفل من بيت عربي يتفاخر بانتمائه، وابن أم تسرد في كل مناسبة حكايات أجدادها وامتداد جذور أهلها، غابت عنهم مقومات بناء الشخصية الوطنية، فانجرفوا مع تيار «الفرنجة»، ربما بسبب يرونه وجيهاً، وهو أنهم لا يريدون لأبنائهم أن يعانوا مثلهم عندما تخرجوا من الثانوية ووجدوا الجامعات تطلب لغة إنجليزية بدرجة امتياز، ووظائف تشترط الكتابة والتحدث بالإنجليزية، ولا يسألونهم عن لغتهم العربية، لهذا لا نستغرب عندما يقول لنا الأب «دعوه يتحدث بلسان أعوج اليوم، وغداً ينصلح حاله عندما يكبر، ولكنه لن يجلس في البيت بعد التخرج بسبب تقصيرنا مع لغة العمل»!

للأسف، نحن نتحدث عن لغة كانت شعلة نور لمن يعيشون في الظلام، وأسالوا أوروبا والشرق كله، اللغة العربية التي نقلت العلوم ودرستها جامعاتهم ومراكز علومهم، وما كانت ناقصة في يوم من الأيام، ولكنها هانت على أهلها، وهنا نتساءل عن جهات يفترض أنها معنية بالأمر، بينها مؤسسات رسمية ومدنية، وجمعيات ومراكز، موجودة اسماً، ومختفية عملاً، رغم التوجيهات والقرارات العليا التي منحت اللغة العربية الأولوية في المدارس وفي الوظائف وفي التخاطب الرسمي.

Email