جنوب غزة والمجهول

ت + ت - الحجم الطبيعي

نترقب الذي سيحدث بعد الهدنة، ونتوقع الأسوأ، فالذي رأيناه في شهر ونصف الشهر شيء، والذي سنراه بعد الاستراحة شيء آخر، الأنياب برزت، والعيون جحظت، ووضعت الأيدي على الصدور.

إنهم يستعدون لاجتياح جنوب غزة بعد أن أكملوا مهمتهم في الشمال، فهم ديمقراطيون لا تفرقة لديهم بين فئة وفئة، ولا يميزون جهة عن جهة، تعلموا أن المساواة من أسس العدل، حتى في الظلم والموت والدمار، والعالم الحر ينتظر مع المنتظرين، وكبير ذلك العالم أرسل ثلاث طائرات شحن محملة بالأدوية والأغذية، مع مناشدة خجولة للمنتقمين يرجوهم بأن يكونوا في المرحلة الثانية أكثر رحمة، وأقل قسوة، وتجنب ضرب المدنيين والبنى التحتية، وأن يبذلوا جهدهم للحد من تهجير المدنيين من جنوب غزة!

إذا تكرر المشهد لن يجدي الرجاء والتوسل، ولن يخرج من مستنقع الدم هذا منتصر، ولكن هل سأل من غرتهم قوتهم أنفسهم في لحظة محاسبة النفس «وماذا بعد الجنوب؟»، هناك حيث تكدس قرابة مليوني شخص لم يبق لهم ملاذ غير الصحراء ومن بعدها البحر!

إنهم يأخذون العالم نحو المجهول، والمجهول له وجوه عدة، أولها اتساع رقعة هذا «النزاع المصطنع»، فكثير من الحروب بدأت بتهور يشبه تهور حماس عندما أتت فعلاً لا تملك القدرة على مواجهة توابعه، وكانت تعلم علم اليقين أن ردة الفعل ستكون أكثر تطرفاً، وأن الآلة العسكرية ستحصد أرواح الآلاف، وستشرد شعباً، فقد فعلها قبلهم ذلك الذي قتل ولي عهد النمسا، فأشعل حرباً عالمية لا سابقة لها، فاختفت بانتهاء تلك الحرب التي سميت بالأولى إمبراطوريات، وزالت من الوجود دول كبرى، وركب الغرور «هتلر» فقرر ضم جيرانه إلى ملكه، فأشعل الحرب العالمية الثانية، وذهب ضحية لها 60 مليون شخص، ومن ملك القوة اليوم إذا كان يعتقد أنه في «نزهة» فهو مخطئ، والرئيس الأمريكي بايدن إذا استمر عاجزاً عن وقف «مذبحة غزة»، وتردد في وقف الانفلات قد يطاله ويطال مكانة بلاده ما سينتج عن استكمال اجتياح غزة.

 

Email