أما قبل تراجع العقلاء

ت + ت - الحجم الطبيعي

تراجع العقلاء، وثبت بأن ما سقط على الأراضي البولندية هي الصواريخ المضادّة التي أطلقتها أوكرانيا على الطائرات الروسية وصواريخها.

أمريكا أكدت، وبولندا صحّحت، والناتو صمت خجلاً بعد تهديداته المتسرّعة، وكل المتحمّسين الذين جرفتهم العاطفة سحبوا تصريحاتهم السابقة.

فقط رئيس أوكرانيا ما زال مصرّاً على أن السبب تتحمّله روسيا، حتى ولو كانت صواريخه هي التي أصابت قريتين بولنديتين وقتلت شخصين، لماذا؟ لأنها هي التي شنّت الهجوم الجوّي الصاروخي على بلاده، وطلب أن يقدّم إليه دليل يؤكّد كلامهم.

من ذلك نخرج بنتيجة واحدة، وهي أن الأكاذيب تنتشر في الحروب، من يضرب يتنصّل، ومن يصاب يغيّر الوقائع والأضرار، والآلة الإعلامية لكلا الطرفين تزوّر الحقائق وتزيّف الأدلّة، ويموت الناس بيد أشخاص يبحثون عن موقع في التاريخ!

روسيا أخطأت في اعتدائها على أوكرانيا، هذا شيء لا شك فيه، وتسرّعت، رغم أن الوسائل السلمية لم تستنفد بعد، وكان يمكن للمفاوضات أن تكون حلاً، وأيضاً الوساطات، فقد كان العالم بأسره مستعداً للتوسّط وتجنيب البشرية هذه الكارثة التي أوصلتها إلى ما هي عليه الآن، وكانت أوروبا ومعها الولايات المتحدة قادرة على تأجيل انضمام أوكرانيا والدول الملاصقة لروسيا إلى حلف الناتو والاتحاد الأوروبي، وكان اجتماعاً عاجلاً بين بايدن وبوتين وزيلينسكي وقادة الدول الكبرى سيسدّ الفجوة التي أحدثت حالة جفاء واستعدادات للحرب قبل سنة من اشتعالها!

الغرور والغطرسة كانا سيدي المواقف والتصريحات من الجانبين، وتجّار الحروب لم يكونوا بعيدين عن التحريض وإلقاء الحطب في النار، وقد تكون واقعة انتقال الحرب إلى دول أخرى، كما حدث في بولندا، جرس إنذار للمتحاربين والمؤيدين، فاليوم تراجع الجميع بعد أن فكّروا وناقشوا النتائج المتوقعة للاندفاع المتسرّع نحو إدانة روسيا، أما في الغد فلن يكون هذا الخيار متوفراً!

إنه تراجع العقلاء.

Email