الإنسان الطبيعي لن يرضخ

ت + ت - الحجم الطبيعي

المنظمات والكيانات الظاهرة والمتخفّية، المدعومة من أطراف عملت دون كلل لقرون من الزمان، كان عليها أن تتوقع ردود الأفعال المضادة لتحركاتها المستهدفة لتغيير الانتماء الفكري والمبادئ الأخلاقية، من شعوب الأرض، ومن أحزاب وحركات عقائدية، تكوّنت لمواجهة الخطر المحدق بمجتمعاتها.

إنهم يدفعون أنظمة الغرب الديمقراطية نحو منحدر خطير، شبيه بذلك الذي أوجدته الدول الغارقة في وحل الاستعمار والاستبداد في بدايات القرن العشرين، والذي أنتج حربين عالميتين، قُتِل بسببها عشرات الملايين من البشر، ودُمِّرت فيها مدن عريقة، ومُسِحت دول كثيرة من الوجود، وتغيّرت التركيبة السكانية في دول أخرى، وسُجِّلت مجازر تاريخية، وحُطِّمت قواعد أخلاقية كانت ولا تزال تنمو في قلوب الناس.

الشعب الإيطالي قال كلمته، وعبّر عن رأيه «إنه ضد ذلك الانحراف المندفع نحو الجميع»، فاستخدم حقّه الدستوري، ورفع علامة التوقّف في وجه الذين يريدون أن يعيثوا بمجتمعه فساداً، فهو راضٍ بمعتقداته، ويريد الإبقاء على الحد الأدنى من الأسس التي تحفظ تماسكه وتشكيل هويته، فالإنسان بطبعه محافظ.

وقبل إيطاليا، هناك يمين يتقدّم إلى الأمام في كل أوروبا، هم يقولون ذلك، وليس نحن، في فرنسا وهنغاريا والنمسا، فيهم من وصل إلى الحكم، وفيهم من تشير التوقّعات إلى صعودهم قبل نهاية هذا العقد، وهي ردّة فعل لمواجهة سيل جارف لم يترك أحداً في شأنه، من فتحوا الأبواب لهذا الكم الهائل من المساندة لفئة من البشر، تريد أن تنزع صفة البشر عن الإنسان، الذي تميّز من بين كل الكائنات بالنطق والتفكير، حتى حوّل الأرض إلى مكان يزخر بالتحضّر والحيوية، فإذا بحملات تدار في الخفاء دهراً، وتصبح علنية في هذا الزمان، تريده أن يعود إلى الوراء، شبيهاً للحيوانات، متطبعاً بطباعها!

المجتمع الآمن والمستقر، يبدأ بالأسرة، والأسرة لا تتكون إلا بشكلها الطبيعي، الذي خلقها الله عليه، زوج وزوجة وأطفال، ومن اختار طريقاً آخر، فذلك شأنه، أمّا أن يفرضه على المجتمعات فرضاً، فهذا عبث، لن تكون نتائجه لصالح البشرية.

Email