متى ظلمت الوحوش؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

وكأنه يسير على نفس الخطى، ألا ما أشبه الليلة بالبارحة، بالأمس، كان يزأر كالأسد، ويذكرنا بمرشده في مصر، المدعو محمد بديع، ومعه زبانيته البلتاجي والعريان، أولئك الذين لم يتركوا أحداً بعيداً عن تهديداتهم، فقد كانوا حكاماً لمصر، واعتقدوا أن الدنيا قد دانت لهم، وتركوا رئيسهم يتطاول على الجميع، غرتهم السلطة، وأذهبت عقولهم الكراسي، وهكذا كان الغنوشي وأتباعه قبل 25 يوليو، كانت أصواتهم تلامس عنان السماء، لا تعرف إن كانوا يتكلمون في البرلمان، أو في ساحة الحرب، هم الكبار، وكل فئات الشعب التونسي يجب أن يخضعوا لهم، وكل المؤسسات تدار من قبلهم، وكل الإيرادات تدخل جيوبهم، «كورونا» تضرب بقوة، حتى تجاوزت كل الخطوط الحمر، ووزارة الصحة تعلن انهيار المنظومة الصحية، أي دخول مرحلة العجز التام عن مواجهة الوباء، وعصابة الغنوشي منشغلة بإحصاء الكراسي التي توفر لها الغلبة، والرؤوس التي حان قطافها.

قبل يومين، شاهدت تسجيلاً لكلمة الغنوشي الموجهة إلى أوروبا، وكان ذليلاً منكسراً، غير قادر على إكمال جملته، يستجدي حيناً، ويرهب حيناً آخر، يريد أن يعود إلى الحكم مع التنازلات، ويحذر من موجات هجرة تونسية نحو بلادهم، وحدد الدفعة الأولى بنصف مليون شاب، وبانفلات أمني وإرهاب، وتحدث عن مقاومة مسلحة لقرارات الرئيس، إذا شعرت حركته بأنها مستهدفة بالإقصاء والملاحقة.

تتبدل الصور، وتتناقض المواقف، ولكن الإخوان يبقون كما هم، تربية تجمع ما بين المظلومية والتوحش، إن لفظتهم الشعوب، تباكوا على الحرية والديمقراطية وحقوق الإنسان والوطنية، وإن وصلوا إلى الحكم، قتلوا الحرية، وسلبوا الناس حقوقهم، وداسوا على الديمقراطية بحكم الحزب الواحد، وسرقوا أوطانهم ودمروا مؤسساتها، وفتحوا السجون لكل صوت يعارضهم، واغتالوا من يقف في وجوههم.

رئيس تونس لم يقدم على خطوته الشجاعة، ليساوم الغنوشي ومن تراكضوا للدفاع عنه، وعن حركته الإخوانية من الخارج، هو اتخذ قراراً يعرف مدى خطورته، على وطنه وشعبه، وعليه هو شخصياً، ولن يتراجع قبل أن يعيد الأمور إلى نصابها، إلى من يملكون القرار، وهم التوانسة.

Email