المسؤولية الإنسانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

نحن لا نعيش في منطقة منعزلة عن العالم، في أقصى الأرض، أو في طرف من أطرافها، ولم نكن يوماً من الأيام من الذين ينأون بأنفسهم عن بقية البشر طالبين الخير والسلامة بروح تملؤها الأنانية.

قدر لنا أن نكون في قلب العالم، وأن تكون مدننا ومطاراتنا نقطة التقاء المشرق بالمغرب والشمال بالجنوب، وأن تكون وسائل النقل المتاحة بين أيدينا حلقة الوصل بين كل الاتجاهات، وأن تكون قيادتنا بأفعالها ومبادراتها قد خطت خطاً في الذاكرة الإنسانية، يتذكره الكل عند الملمات، ولا يترددون في طلب المساعدات، لأنهم يعلمون أن طلباتهم عندما تصل هنا ستلبى.

دول كثيرة أغلقت أبوابها ومنافذها طالبة السلامة لنفسها، بينما نحن لم نفعل ذلك، لم نتسبب في كوارث مصاحبة لكارثة الوباء المستشري، ولو فعلنا ذلك لتوقفت عمليات نقل من وجدوا أنفسهم عالقين بين الإجراءات التي اتخذت، ولانقطعت المساعدات الغذائية عن أغلب المحتاجين، وشهد العالم موجة لاجئين جديدة عند الحدود الفاصلة بين كثير من الدول، ولفقد العالم أهم مركز لوجستي قادر على وصل الأرض ببعضها البعض.

إمكاناتنا لم تكن لنا، وأدويتنا لم نحتفظ بها في مخازننا، وأجهزة الرصد والفحص والوقاية لم ننفرد بها، وسلامة العاملين في الخطوط الأمامية لمواجهة الجائحة لم تقتصر على خطنا الأمامي، حتى المستشفيات الميدانية لم تكن لنا فقط، بل وصلنا إلى 128 دولة في العالم، بمساعدات خففت من أضرار الوباء، ووفرنا الوقاية لمليون و700 ألف عامل في الخطوط الأمامية، وأوصلنا 1742 طناً من المواد الطبية والغذائية إلى المناطق المحتاجة، وحلقت 82 طائرة مساعدات طبية في الأجواء، وهذه أرقام مسجلة في المنظمات الدولية، وأعلنتها وزارة الخارجية والتعاون الدولي قبل يومين، وحتى اللقاحات المطلوبة وصلت إلى دول كثيرة قبل أن تفكر الدول الكبرى والغنية والمنظمات الدولية المعنية باحتياجات العالم!!

إنها المسؤولية الإنسانية في أجمل صورها تتحدث إلى العالم بكل ثقة واقتدار.

Email