المتعصبون !

ت + ت - الحجم الطبيعي

أعجبتني فكرة الحديث عن ظاهرة التعصب الرياضي التي كانت واحدة من الندوات المهمة في المنتدى الإعلامي بدبي، فعلى الرغم من أن الظاهرة قديمة قدم المنافسات الرياضية نفسها وستظل كذلك، إلا أن التصدي لها على الأقل لتفادي التصاعد في مخاطرها أمر يحسب للمنظمين، لا سيما في هذه الأيام العصيبة التي لا تعرف من أين يأتيك منها الخطر، وبعد أن زحفت على ملاعبنا العربية أفكار مرعبة تسببت في كوارث يندى لها الجبين بعد أن تناثرت الدماء على جنبات المدرجات الرياضية!

وعلى الرغم من أن اللواء محمد خلفان الرميثي نائب القائد العام لشرطة أبوظبي عضو المكتب التنفيذي الآسيوي، الذي تحدث بعمق في تلك الندوة إلى جانب الإعلاميين الكبيرين عز الدين ميهوبي من الجزائر وحسن المستكاوي من مصر، قلل من مخاطر التعصب في ملاعب الإمارات قائلا إنها لم تصل إلى حد الظاهرة، وهذا حقيقي، إلا أن لكل شيء مقدمات، وقد بدأت بالفعل المقدمات، لذا وجب الانتباه من الآن، لأن مخاطر التعصب تتسلل وتتزايد وتتفاقم دون أن نشعر هكذا هي دائما!

من الأشياء المهمة من أجل تدارك التعصب ومحاربته قوة القانون والحزم في تطبيقه، وقد أشار الرميثي إلى نقطة مهمة تتمثل في تشريع قانون يحمي المنشآت والفعاليات الرياضية بالإمارات سوف يرى النور في الموسم القادم. وقد تقول لي: هل القانون يسبق التوعية وتغيير أنماط الثقافة السائدة؟ أقول نعم بكل تأكيد؛ لأن الغوغائية لا يصلح لها سوى القبضة الحديدية في المقام الأول، ولا مانع أن يسير ذلك جنباً إلى جنب مع محاولات تغيير الأنماط وزيادة الوعي إن أفلحنا!

أعجبني المستكاوي وهو يتحدث عن دور الإعلام مؤكداً أن الذي يخلق الأزمات دائماً هو الإعلامي المشجع الذي يتخلى عن مسؤولية دوره ورسالته ويتعصب إلى هذا النادي أو ذاك، وهو أسوأ أنواع الإعلام، بل هو شر مستطير نمارسه بنجاح عظيم دون أن نبالي بمخاطره!

من أكثر أشكال التعصب تجده في مصر والسعودية على وجه التحديد؛ لأن الإعلام هناك "إعلام أندية"، كل صحيفة، بل كل صحفي لا يهمه سوى الدفاع عن ناديه بالحق والباطل، إلا من رحم ربك، وهذا في حد ذاته شر مهني إذا جاز التعبير، فالإعلامي لا يستطيع أن يؤدي رسالته إلا إذا كان محايداً وغير منتمٍ.

أما عز الدين ميهوبي فلم يذهب بعيداً عن هذه المفاهيم عندما أكد أن الإعلام الفاقد لأخلاقيات المهنة هو الذي صنع الأزمة بين مصر والجزائر قبل عدة سنوات. وقال أيضاً، وهو وزير سابق للاتصال في بلده، إن الإعلام له سقفان أحدهما مهني والثاني أخلاقي، وإذا غاب الثاني تسبب في تصاعد نوبات التعصب.

كلمات أخيرة

Ⅶ ظواهر التعصب لها حلان، أحدهما قانوني، وهو أمر مهم للغاية، والثاني أخلاقي ومهني يخص المجتمع والإعلام على حد سواء.

Ⅶ الإعلامي المشجع أحد آفات الإعلام العربي من المحيط إلى الخليج، وهو بالمناسبة أحد الأسباب الرئيسة في تفشي ظاهرة التعصب.

Ⅶ أما الإعلام الإلكتروني الذي لا سقف له، فلا حل له إلا بعد أجيال وأجيال!

Email