كل حين

اللياقة الإيمانية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تواصل معي الزميل العميل، وقدم تهنئته بقدوم الشهر الفضيل، وطبعاً، التهنئة موصولة لكم وللجميع، وذكرني وأوصاني بالاجتهاد في العمل، رجاء المغفرة والرحمة من الغفار الرحيم، ونسأل الله قبول الصيام والقيام، ونسأله الجنة، ونعوذ به من الجحيم، وأردف الزميل متسائلاً، وماذا عن الرياضة في رمضان؟، أجبته أن رمضان كله رياضة، فهو رياضة في رياضة، اندهش، وقبل أن تتفاقم دهشته، أردفته بأن الرياضة هي لبعض الناس عادات، وتتضاعف ممارساتها في رمضان، كما هو في رمضان من عبادات، تتضاعف معها الحسنات، وتعلو بها الدرجات، بل إن الرياضة تتنوع في رمضان.

كما تتنوع العبادات، وقلت سأشرح لك، لعل ذلك ينفعني وينفعك وينفع غيرك، وبداية، نجد أن الرياضي المداوم على الرياضة في غير رمضان، نجده دائماً نشيطاً وسعيداً ومفيداً، فالرياضة عادة تفاعلية، تساعد على تحفيز الحياة الإيجابية، ولهذا، فالأولى أن نكون كذلك خلال شهر رمضان، فالرياضة البدنية عادات تساعد على تأدية العبادات بنشاط، وإن شاء الله بخالص النيات، وفي رمضان تحديداً، الرياضة ليست بدنية فقط، ليست لتناسق الجسد وتقوية نبض القلب والصحة، وليست فقط للقدرة وللياقة والسرعة، الرياضة في رمضان، نمارسها طوال شهر رمضان، وفي كل مكان وفي كل زمان، رمضان رياضة في رياضة، رياضة بدنية، رياضة عقلية، رياضة نفسية، رياضة اجتماعية، رياضة روحية، رياضة أخلاقية، ويجمع كل ذلك، أن الرياضة في رمضان، هي رياضة إيمانية بالدرجة الأولى، وهي بدرجة الإخلاص، والإيمان هو خلاصة الخلاصة.

ونحن في رمضان، في معسكر الرياضة الإيمانية، وكما تقوم الأندية بتنظيم وتنفيذ معسكرات رياضية خارجية بموازنات غير عادية قبل بداية كل موسم، وكل ذلك أساساً لرفع اللياقة البدنية، استعداداً للمسابقات والمنافسات الرياضية، فالمركز الأول والدرجات العلا، لا تتحقق إلا باللياقة الكاملة والثابتة، بل والمتصاعدة، وهكذا رمضان، بل وهو المثل الأعلى، وهو المعسكر الأمثل لرفع اللياقة الإيمانية، وهو الفرصة الأغلى سعياً نحو المنافسة الحقيقية في حقيقة المنافسة، ولا يحتاج منا إلى استثمار الموازنات، فقط يحتاج إلى استغلال الأوقات، وكما أنك في نهاية المعسكر الرياضي، تكون في قمة لياقتك البدنية، فإنه يجب عليك أن تكون في نهاية رمضان في قمة لياقتك الإيمانية، وكذلك الذهنية والمعنوية والبدنية أيضاً، ويضاف إلى ذلك، كل مجالات اللياقة الأخرى، التي يزدهر بها رمضان. في رمضان أخلاقك تسمو، وفي رمضان أعمالك تنمو، وفي رمضان مشاعرك تحنو، وفي رمضان من النيران تنجو، وفي رمضان لياقتك الإيمانية تعلو، وفي رمضان الجنة من الله ترجو، وهذا هو الهدف الذي يجب أن تسعى لإحرازه مع نهاية رمضان، وهو موسم الصيام والقيام.

الرياضة تدريب ومنافسة ونتائج، وكذلك الصيام، تدريب على مقاومة الشهوات، وعلى الاجتهاد في أداء العبادات، وهي منافسة أساسية مع الذات، وهي مجال التنافس، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون، ليكونوا من الفائزين المتصدرين، ومع مراعاة أن اللياقة البدنية ترتفع وتنخفض من وقت لآخر، ومن موقف لآخر، ولا تدري، قد تكون في أعلى قمتها مساءً، وقد تكون في أدنى قاعها صباحاً، فاحذر أخي، وواظب على تمارينكم الرمضانية خلال رمضان وبعده، لكي تحافظ على لياقتك الإيمانية مع البدنية.

Email