مراوغات

حقيقة التعصب الكروي في السعودية

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان يعتبرونه لذة يتسامرون بتحدياته كل ليلة، ويمضون معه الوقت نهاراً هرباً من لهيب شمس الجزيرة الحارق، ويتباهون بالمجاهرة به إكمالاً لشخصية ترى أنها غير ناقصة به !

إنه التعصب الكروي بالسعودية، الذي أصبح حقيقة يهدد الكيانات الاجتماعية والأخلاقية بالضمور، فقد وصل الإقصاء لدرجة تنذر بأن يتنامى خطر التعصب ليضرب شواطئ أخرى من القيم يصل أحياناً لتهديد الوحدة الوطنية!

ليس الأمر خيالاً، بل إن تويتر أوجد مساحة للكشف الحقيقي عن خطر التعصب الكروي حتى إن مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني، وهو المركز المبتعد عن الرياضة وهمومها منذ إنشائه هرباً من وجع الرأس كونه مركزاً نخبوياً استضاف ورشة عمل لمناقشة ظاهرة التعصب، وتأثيرها في الكيان الوطني، وتشرفت بأن أكون أحد المدعوين للورشة مع زملاء وخبرات إعلامية كبيرة، وحقيقة كان الطرح شفافاً وارتكز على خطورة استمرار التعصب ودوره في التخلف الأخلاقي وانعدام قيم الحوار والكراهية بين المجتمع، لاسيما أن بلداً مثل السعودية ليس فيها متنفس كبير سوى كرة القدم وألعاب رياضية مشتتة هنا وهناك!

تركت وزارة الإعلام السعودية الحبل على الغارب لسنوات طويلة للإعلام الرياضي السعودي، حرية لا يحلم بها أحد فتركز الانحلال غالباً على الصراع بين الأندية الجماهيرية، ليصل حتى الاتهامات وإشاعة الاتهامات والسب والشتم، بل حتى الغمز واللمز الممنوع يأخذ طريقه، فيما كانت القناة الرياضية تستضيف ديكة وليسوا نقاداً لينفثوا سموم التعصب من دون رقيب أو حسيب وكأن الأمر مقصوداً!

تعدل الوضع الآن ربما إعلامياً لكن تويتر سحب البساط فأصبح المشجع بحسابه الخاص وسيلة إعلامية مستقلة، بذاته والنتيجة موجة من الانحلال الأخلاقي واللفظي تنمو يومياً لتغطي حقيقة الإنسان السعودي المثقف المحب الواعي الملتزم بأخلاقيات دينه ومبادئ وطنه!

ضرب التعصب أطنابه ويحتاج لمن يردعه بالنظام، فالكلام والاتهام المسكوت عنه يجب أن يجرم وفق النظام بدلاً من ترك أفواه المشجعين ساحة لإخراج صديد الكلام المتعفن.

الحرية أصبحت داخل بيئة التشجيع بالسعودية تعني أن تقول وتتهم وتسب وتشتم ولا أحد يقول لك شيئاً ومن هذا المنطلق تنامت الظاهرة لتصل لمبادئ كان الخط الأحمر يحميها من الانحلال، فأصبح التعامل بلون النادي وليس بإنسانية الشخص، ولنا عبرة من كمية الفيديوهات المسربة، التي تكشف كيف تحول معلمون - مثلا- لقائدي رابطة مشجعين داخل المدارس، وهو الخطر الذي يهدد بولادة جيل مشوه أخلاقياً بانتظار قدرة حقيقية وإرادة تمنع التعصب الخطر.

بالنسبة إلي لا أرى بوادر لذلك، لكني بطبعي متفائل!

 

قبل الطبع :

٪ . . .

Email