خارطة عربية جديدة

رئيس التحرير المسؤول

خارطة عربية جديدة

التاريخ:
ت + ت - الحجم الطبيعي

الأخطار التي تواجه المنطقة لا يمكن السكوت عليها، خصوصاً أمام ما نراه من محاولات دول إقليمية التمدد في العالم العربي، إضافة إلى أخطار الإرهاب وإثارة الحروب الدينية والمذهبية والعرقية، وتثوير المكونات الاجتماعية على بعضها البعض.

هذه الأخطار بتأثيراتها السياسية والأمنية والاقتصادية في بنية المنطقة واستقرارها تفرض على الدول المهمة التحرك لمواجهتها، وهو أمر نراه في سياسات الدول المتزنة التي تريد حماية المنطقة وتكريس السلام والاعتدال.

حين نحلل مواقف الإمارات والسعودية ومصر ودول أخرى، نجد أنها لم تقف أمام هذه الأخطار متفرجة، بل تم تشخيصها والتصدي لها، وهي سياسات أثبتت الأيام حكمتها، لكونها لم تنتظر تعاظم النتائج بل تعالج أساساتها حيثما كانت، وهو أمر نراه واضحاً في التحالف العربي في اليمن ونراه في محاربة الإرهاب في مصر، مثلما نراه في جسور التنمية والإغاثة التي تعلنها دولة الإمارات والمملكة العربية السعودية لإطفاء بؤر الإرهاب وآثار الحروب والصراعات في دول كثيرة.

زيارة ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، إلى مصر، والإعلان عن مشاريع مشتركة، تصب في إطار أوسع من العلاقة الثنائية، فهي إضافة إلى كونها تكريساً لعلاقات بلدين كبيرين، فهي تأتي في سياق تحالف الدول العربية الكبرى المعتدلة في وجه كثير من التحديات، بما يعني أن تأثيرها أعمق من مسار العلاقات الثنائية ويرتد على الأمن القومي العربي في المحصلة.

الإمارات كدولة مؤثرة عربياً وإقليمياً وعالمياً، ترى في الزيارات والتنسيق بين البلدين، أهمية كبرى طالما حضت عليها قيادتنا لاعتبارات كثيرة، والتي ثبت أنها عميقة جداً، وأسهم التعامل معها في ردع كثير من الأخطار.

وفي هذا الاتجاه يؤكد معالي الدكتور أنور قرقاش، وزير الدولة للشؤون الخارجية، عن زيارة ولي العهد السعودي إلى مصر: «الزيارة التاريخية للأمير محمد بن سلمان إلى مصر الشقيقة تدعو للتفاؤل بخريطة جديدة للعالم العربي قوامها الوسطية والاستقرار والتنمية، هي البدايات المبشرة بعصر مشرق يعوّل عليه، السعودية ومصر حجرا الأساس في أي بناء عربي، ونحن أحوج ما نكون لهذا البناء، وزيارة الأمير محمد بن سلمان التاريخية لمصر الشقيقة تعمّق الطرح الداعي لمحور وسطي عربي يعزز السيادة ويحميها ويقدّم التنمية ويسعى للمستقبل».

هذا المحور الذي أشار إليه قرقاش ليس موجهاً ضد أحد، بقدر كونه يواجه التحديات التي تسببت بها مشاريع إقليمية، وأطماع لدول غير عربية وما يمثله الإرهاب بنسخه وعناوينه المختلفة، والهدف النهائي هو تكريس سيادة العالم العربي ودوله، بدلاً من سرقة هذه السيادة على يد عواصم لا تريد لنا الخير، إضافة إلى جعل التنمية والازدهار والحياة الكريمة عناوين لهذا المحور، من أجل حياة الناس التي يتم تبديدها بسبب الأطراف الطامعة.

نشعر بالأمل في العالم العربي، وعلى الرغم مما يواجهه من تهديدات، إلا أن لدينا القدرة جميعاً على صد هذه الظروف، خصوصاً حين تتواصل الأطراف العربية المؤثرة بهذه الطريقة التي نلمسها في دبلوماسية الإمارات والسعودية ومصر من أجل سلام المنطقة ورفاه شعوبها، وهي دبلوماسية تتسم أيضاً بالقوة والاقتدار في جانبها الآخر، من حيث ردع يد كل ظالم، إضافة إلى الإيمان بأن التنمية أهم بكثير مما يسعى إليه البعض من حيث تبديد فرص الاستقرار.

 

Email