كيف يزدهر العالم بواسطة التاريخ

ت + ت - الحجم الطبيعي

يحتوي التاريخ على كمية ضخمة من المفاهيم والقصص التي من شأنها أن ترسم وتحدد الحكمة التي سنستقي منها الإرشاد والاستدلال في المستقبل.

حيث إن هذه الحكمة بزغت من أخطاء الماضي وعثرات الإنسان، فالبشرية على مدار التاريخ كلها كانت تدور في فلك واحد في صراعاتها ونزاعاتها.

كتب المؤرخون عن ملحمات عديدة دارت حول نفس القصص سواء من ناحية النيل المادي أو السياسي أو اختلاف التعاليم الدينية والروحانية أو من ناحية البحث عن معنى وجودي وأمل يستنير الإنسان به ويسعى إليه.

وكما قال الفيلسوف ديفيد هيوم: «إن البشر متشابهون إلى حد كبير في جميع الأزمنة والأماكن، فالتاريخ لا يخبرنا بأي شيء جديد أو غريب في هذا الأمر بالذات»، ومن هنا تظهر أهمية تحليل أحداث الماضي ودراسة تاريخ العصور والحضارات، لأن الإنسان بطبيعته يبحث عن مكانه في التاريخ، وكيف وصل إلى هذا الحال، وما هي الإجابات على الألغاز والمسائل التي نعيشها في الحاضر وما الذي يمكن أن يحدث في المستقبل؟ كل هذه الأسئلة يمكن أن نجد لها إجابات معينة في التاريخ تتزامن مع الحاضر إذا ما أمعنا في دراسته، وهو ما يدفعنا فطرياً إلى تعظيم الماضي والمستحدثات الأثرية المستكشفة حيث نندفع إلى زيارتها في رحلاتنا السياحية ونهم بالقراءة عنها.

ولكن ورغم هذا الفضول البديهي تجاه المناطق الأثرية إلا أنه لا يعدو كونه مجرد حماس مؤقت يختفي بمجرد انتهاء الرحلة، الحقيقة أننا لم ندرك مدى حيوية التاريخ في حياتنا ومدى تلامسه مع الواقع الحالي، وبسبب تغيب الوعي حول هذا الأمر ظهر الجدل القائم حول أهمية دراسة التاريخ، حيث يؤمن المتناظرون في هذا الجانب أنه مادة غير علمية في زمن التقنية والعلوم وتسارع تطور الذكاء الاصطناعي.

فما نحتاج إلى دعمه هو الأبحاث العلمية والتكنولوجية، فالتاريخ لا يتقاطع مع الحاضر، ولا يخدم اهتماماتنا وتوجهاتنا الحالية، وتزداد الحجة عندما يؤمن البعض أن تعلم التاريخ المحلي غير مجد ولا يعود بالنفع على المتعلمين سواء كانوا طلبة مدارس أو مجرد هواة مهتمين فمن الأفضل أن يستثمروا هذا الجهد والرغبة في التعلم، في مجال واعد ومثمر ويعود عليهم بالنفع المادي والوظيفي.

وهذا النوع من التفكير ذكره الكاتب المسرحي والناقد والمؤلف الكبير جورج برنارد شو عندما قال: «تعلمنا من التاريخ أن البشر لم يتعلموا أبداً من التاريخ».

Email