للأسفار فوائد لها صنّاعها

ت + ت - الحجم الطبيعي

السفر لم يعد كما السابق عملية سريعة؛ قرار فاستعداد فتنفيذ، وإن كانت هذه العناصر الثلاثة عماد كل رحلة، بمعزل عن طبيعتها وفترتها.

ومنذ أن خبرت التجوال اعتبرت السفر فناً أكثر منه جهداً يبذل، وتنظيماً ثم انتشاراً مؤقتاً في مكان جديد، له تضاريسه، وله إملاءاته الصامتة، التي تومئ بها عادة الطبيعة؛ طبيعة البشر، وطبيعة الأرض، وطبيعة الثقافة، وطبيعة الآخر، الذي قررت، حين انتويت المجيء إليه في المكان الجديد أن تتقبله بما هو عليه، ويتقبلك بما أنت عليه، لتكتمل بذلك سلامة العلاقة، وعلى هذا النحو يمكن للمرء الاستفادة من فوائد السفر: «إزالة هم، ومعيشة، وآداب، وصحبة ماجد»، وقد ذكرها العرب قديماً، ويرددها من بعدهم الخلف، واعتبرت أن المسافر شخص فنان؛ فمثلما قيادة المركبة هي فن وذوق، والتعامل مع الناس فن وذوق وخُلق، كذلك هي الأسفار فن وذوق واحترام، وأبعد بكثير، لكن ما الذي جعل الأسفار تختلف في الوقت الحالي عمّا كانت عليه في الأمس القريب؟ إذ يلاحظ ذلك على أكثر من مستوى، أهمه النفسي.

لا نتحدث عن المال هنا، ولا عن جمال الأمكنة، واعتدال مناخها، وكلها عناصر ضرورية لإنجاح أية رحلة. إن المسألة النفسية أصبحت أكثر بروزاً عند التفكير في السفر؛ فما خلفته جائحة «كوفيد 19» من آثار سلبية لدى الناس كافة ليس هيناً؛ كما أن متعة الترحال ومباهجه تلك، ما عدت تلمسها في وجوههم، ناهيك عما يحدثه التغير المناخي حالياً في بلدان عديدة على الكوكب، من ارتفاع لدرجات الحرارة، وإشعال للحرائق التي تزحف نحو كل شيء. إن الصيف الحالي لم يعف من سخونته بلداً. والتغير المناخي على ما فيه من أذيات للبشر وأضرار للأرض يلمس البعض فيه مفارقات عجيبة، منها أن مؤشر السياحة العالمي بدأ يميل أكثر نحو الشرق، ومنها المنطقة العربية، والخليجية تحديداً، ولغة الأرقام في التقارير هي الفيصل.

Email