سامحهم من أجلك

الدكتور فريد لوسكين، أمضى عقوداً في دراسة فوائد التسامح، وتبعاً لذلك قام بتأسيس مشروعات وطرح مبادرات عن التسامح في جامعة ستانفورد الأمريكية، ونشر كتاباً حمل عنوان «العفو خير لكم». ومما جاء فيه: معظم أسباب التسامح تكون من أجل مصلحتنا الشخصية، حينما تتذكر جرحاً لم تحله ولم تتخطَّه في عقلك وقلبك، فإن هذا التذكر يثير مواد كيميائية للتوتر تسبب ضائقة جسدية، وحينما تتذكرها كثيراً فإنها تضغط على جسمك بشكل مزمن، وهذا له تكلفة مادية. 

من خلال هذه الكلمات يؤكد أن التسامح ليس فعلاً نقوم به كهبة ومنحة نقدمها للآخرين، بل هي فائدة نجلبها ونسديها لأنفسنا، كأننا حينما نسامح نلقي عن كواهلنا الحمل الثقيل الذي كان يعوّق حركتنا ويتعبنا ويستنزف طاقتنا الفكرية والعقلية، لقد تخلصنا مما كان يوتر أعصابنا، لأن التسامح يشعرك بالقوة، والغلبة حينما تمارسه وتلقيه في وجه من أخطأ عليك، في الحقيقة الرسالة التي توجهها نحو نفسك: «إنني لم أتأثر بل على العكس أنا اليوم أقوى مما كنت عليه»، ومن دون شك فإن عقلك الباطن ومختلف الأحاسيس والمشاعر داخلك جميعها ستستجيب بشكل إيجابي ومفيد مع هذه الرسالة المعنوية.

مرة أخرى نحن نحتاج للتسامح، ولكن الأشد حاجة هو معرفة جوانب التسامح وأنواعه، لأن هناك التسامح الفكري والثقافي، وعدم التعصب والكراهية، واحترام الآخرين وجعل الحوار والنقاش منهجاً وطريقة حياة، لا يكون التسامح فقط في العفو عمن شتمك ولا في تناسي غضبك كردة فعل ضد عابر في الشارع، هو أوسع وأكبر من سلوكيات عابرة، يفترض فيه أن يكون جزءاً حيوياً من حياتنا وتفكيرنا اليومي. وتذكر دوماً أنه حينما تتسامح، تخلص نفسك من السموم والأفكار المؤذية، حاول أن تكون إيجابياً ونظرتك أكثر نقاءً وبعيدة عن تصفية الحسابات والتوتر والقلق.