هكذا نحزن في الإمارات

ت + ت - الحجم الطبيعي

لماذا نحن نعشق الإمارات لهذه الدرجة؟ ولماذا نعتبر أنفسنا محظوظين بأن وهب لنا الخالق سبحانه وتعالى هذه البقعة الطيبة من الأرض لنخلق ونعيش فيها؟ الجواب بكل بساطة لأننا شعب أصيل ومختلف عن بقية شعوب العالم.

اجتهد شيوخنا الأكارم على العمل في غرس بذور الخير في نفوسنا، وكانوا على الدوام المثل الأعلى في التعامل وحسن الخلق، ولهذا نالوا محبة واحترام جميع شعوب العالم، وما زلنا حتى يومنا هذا ننهل من معارفهم وخبرتهم ونتعلم من جدهم واجتهادهم بشكل يومي.

شيوخنا كرسوا أنفسهم لتطوير وعزة الإمارات، ولم يألوا جهداً ولم يبخلوا لا بنصح ولا بمشورة. وكانوا السباقين في وضع الأمثولة الطيبة في التواضع والحلم وساسوا الدولة بكل حكمة ودراية. ولهذا نجد من حولنا كل يوم شيئاً جديداً وكل يوم إنجازاً كبيراً.

صليت صلاة المغرب في أحد مساجد إمارة الشارقة، ولم أشهد زحاماً في المسجد يماثل زحام ما قبل «كورونا» إلى ذلك اليوم، والسبب هو تقاطر الناس من كل حدب وصوب لكي يصلوا صلاة الغائب على روح فقيد الوطن المغفور له الشيخ حمدان بن راشد.

كان المسجد مزدحماً بمختلف الجنسيات، ومعظمهم ربما لم يعرف الشيخ حمدان معرفة شخصية، ولكن كان الحزن والوجوم مخيمين على الجميع. فمآثر الشيخ حمدان في كل المجالات ما زالت راسخة ومتينة ويشهد لها العالم.

حزننا في الإمارات مجرد دافع آخر للنهوض وللتفكير ولتوثيق العهود بأن نكمل المسيرة المظفرة التي بدأها المؤسسون وانتشر خيرها وعمّ على العالم أجمع. وقد تعلمنا في الإمارات أن الحزن هو مرحلة من الهدوء والسكينة، يراجع الإنسان فيها نفسه، وهي مرحلة تلوح فيها الفرصة للتأمل والتفكر والتقرب من الخالق والتطلع للمستقبل.

حزننا في الإمارات عظيم، ووجدنا بفراق الشيخ حمدان عميق، ولكن دعوات الرحمة والمغفرة التي ملأت عنان السماء ليلة البارحة، خففت عنا عبء هذا الحزن بهذا المصاب الأليم، الذي تشاركنا فيه جميعاً بتلاوة الصلوات والدعاء لفقيدنا الغالي، فحزننا في الإمارات هو ليس مشاعر فقط، بل مشاركة وتعاضد وتآزر.

رحل الشيخ حمدان بكل هدوء وبطمأنينة المؤمن المحتسب الذي أفنى جل عمره في خدمة وطنه وفي خدمة دينه وفي خدمة العلم وفي خدمة البشرية، فطاب الرحيل وطاب اللقاء مع العزيز الكريم.

خالص دعواتنا لفقيد الأمة الذي بكته القلوب قبل العيون، وخالص تعازينا لأسرته الكريمة ولشعب الإمارات العزيز، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

 

Email