في القصة رقم (35) التي تحمل عنوان «الوجهة دبي» من كتاب (قصتي: 50 قصة في خمسين عاماً) لصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة، رئيس مجلس الوزراء، حاكم دبي، رعاه الله، وفي نهاية السبعينيات، كانت الجذور الأولى لإقامة السباق العالمي للخيول في دبي، حين عرض سموه على والده طيب الذكرى المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، رحمه الله، تصوراته المكثفة حول مستقبل دبي كوجهة عالمية قادرة على استقطاب نشاط التجارة العالمي، من خلال إطلاق سياسة الأجواء المفتوحة في دبي، وإطلاق حملات لتسويق هذه المدينة الناشئة، وإقامة فعاليات كسباقات الخيل لجذب الناس، وما سيكون لذلك من الأثر الكبير على المستوى الاقتصادي للإمارة التي كانت تبحث بقوة عن شخصيتها العالمية، وتحثُّ الخُطى نحو تحقيق حضور يضمن لها تنمية مستدامة من خلال خطة طويلة المدى لتحقيق جميع الأهداف المرسومة، وليكون السباق العالمي الأول في دبي عام 1996 بعد خبرة طويلة في هذا المجال نشأت مع نشأة الإمارة، ولاسيما في السباق المحلي الذي قص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم كثيراً من تفاصيله المدهشة في قصص خاصة بالخيل الأولى والسباق الأول، وكيف أنّ ذاكرته ستظل تحتفظ مدى الدهر بالثلاثية الخالدة «أبي، والخيل، ودبي».

ثمانية وعشرون عاماً ودبي تحتفي بالفروسية الإنسانية من خلال سباق كأس دبي العالمي، حيث شهدت ميادينها أروع المنافسات بين خيرة الفرسان العالميين الذي يمتطون صهوات أشهر الخيول الأصيلة، ويخوضون السباق بمعنويات مذهلة تصل إلى حد الإدهاش، وكان لخيل صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم الحضور الفاعل القوي ضمن هذه المسيرة المظفرة لهذا الحدث العالمي، وهل يمكن أن يغيب «دبي ميلنيوم» عن الذاكرة كواحد من أعظم الأساطير في عالم الخيل، والذي خصه سموه بقصتين في سيرته الذاتية تحت عنوان «أعظم حصان في العالم» فتكلم عنه بمشاعر تقترب من درجة العشق، لنستعيد معاً ذلك السؤال البديع الذي طرحه سموه في القصة رقم (14) التي حملت عنوان «الخيل الأولى»، حيث قال سموه متسائلاً: هل تعرف الفرق بين الحب الأول والخيل الأولى؟ ثم أجاب سموه قائلاً: لا يوجد فرق، الخيل الأولى والحب الأول وجهان لعملة واحدة بالنسبة لي.

وتأكيداً على عمق هذا الشعور وأصالته في قلب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم تجاه الخيل وسباق دبي العالمي كتب أمس الأول على وسائل التواصل الاجتماعي تهنئة للخيل الفائز في سباق دبي للعام 2024 عبّر فيها عن مشاعر الفخر والاعتزاز بهذا المنجز الكبير لدبي ولجميع القائمين والمشاركين في هذا الحدث العالمي من عشاق الفروسية التي تحتفي بها دبي الزاهرة، حيث يجتمع خيرة الفرسان مع أفضل الخيول، وتشتعل نار المنافسة بينهم، ويكون الفوز الثمين من نصيب من بذل أقصى جهده للظفر بالجائزة الكبرى التي هي الأعلى على مستوى العالم.

ودوّن سموه: «التقى اليوم عشّاق سباقات الخيول من الشرق والغرب، ومن جنوب العالم إلى شماله في دبي في أحد أغنى وأرقى سباقات الخيل العالمية»، فبهذه الكلمات المفعمة بالفخر والمحبة رحب صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بهذه المشاركة العالمية الضخمة في هذا السباق المتميز الذي شارك فيه 868 خيلاً في جميع فعاليات السباق، والتي تشهد تنافساً قوياً بين مالكي الخيول وفرسان السباق بحيث اجتمع في هذا الحدث العالمي خيول العالم وفرسانه من جهاته الأربع تعبيراً عن الثقة الراسخة بدبي التي أصبحت هي القِبلة الأولى في سباقات الخيل العالمية دون منازع.

«نبارك لصاحب الفرس لوريل ريفر الذي فاز بأغلى أشواط كأس دبي العالمي للخيول، وسعداء بهذا التجمع السنوي الذي يجمع أفضل وأسرع خيول العالم في دبي»، وبهذه الكلمات العاطرة بالفخر والسعادة اختتم صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم هذه التدوينة التي تحتفي بهذا الحدث العالمي، وتؤكد مكانة دبي التي لا تزداد على مرور الأيام إلا ألقاً وازدهاراً، وأنّ ما تلقاه من دعم مباشر ومتابعة حثيثة من لدن سموه هو السبب الأكبر في وتيرة التقدم التي يحظى بها هذا السباق العالمي الذي أصبح جزءاً من تاريخ الوطن ومسيرته الظافرة نحو التقدم والرفعة والازدهار.