صانع الأفكار المبتكرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تعتبر الفكرة زائراً خفيفاً، لا يعترف بالوقت أو المواعيد، يأتي دون سابق إنذار، ولذا، ينبغي على الصياد الماهر أن يستثمر كل إمكاناته وخبراته في الاستفادة من الفكرة، دون كسل أو ملل. ولذلك كن مستعداً لتوثيق أفكارك وتسجيلها، أياً كانت، في جميع الأوقات، في عملك ومكتبك، وفي الطريق والشارع، وفي سيارتك وفي سفرك، وحتى في أوقات فراغك.

إن معظم المنجزات الكبيرة في العالم، جاءت من أفكار يتيمة، تراودنا الأفكار وتمر بعقولنا، ولكن مع عدم المبالاة والاهتمام تضيع، وهناك من يتوقف أمام فكرة عابرة، ولكنه لا يعرف كيف يترجمها ويحولها واقعاً، فنصبح كأننا مستهلكين للأفكار لا منتجين لها، ننتظر من يفكر بالنيابة عنا، ومن ينفذ عنا. هناك مقولة تنسب للجاحظ، قال فيها: «الأفكار ملقاة على قارعة الطريق، المهم كيف نلتقطها»، وهذه المقولة مهمة جداً، لأن الكثير من الأفكار تضيع دون توثيق، وقد نتذكر أنها قد خطرت علينا، فلا نملك إلا الحسرة، لأننا لم نبادر لتحويلها لواقع، لذلك لا تهمل ما يمر بك من أفكار، فقد تكون نقطة فارقة في حياتك، وتصبح من صناع الأفكار المبتكرة.

تاريخ العظماء مليء بالشواهد على أن الأفكار التي تبدو أحياناً على أنها ساذجة، هي أفكار تستحق الرعاية، فعندما تخيل بعض المغامرين إمكانية القيام برحلة إلى القمر، طعنتهم ألسنة الناس بالجنون، وعندما أعلن ماركوني مخترع الراديو، أنه تمكن من اكتشاف وسيلة لإرسال الرسائل عبر الهواء دون استخدام أسلاك، تم توقيع الكشف الطبي على عقله، واحتجازه في المستشفى لفترة طويلة.

العقل مثله مثل أي عضلة موجودة في جسم الإنسان، تحتاج دائماً إلى تغذية وتنمية وتدريب مستمر، حتى لا تضمر، ومن المنشطات الطبيعية التي يحتاجها العقل، استخدامه وشحنه دائماً في عمليات مستمرة متفاوتة بين العمليات الحسابية المعقدة، والمنافسة والحوار والتخيل والتفكير في خلق الله، لذلك، المطلوب من المبدع أن يحافظ على استخدام عقله ما بين القراءة والكتابة والارتجال اللفظي المنطقي، وإنشاء حوارات جادة مثمرة، فالنشاط الذهني يجعلك تشعر بحيوية دائمة، والعقل البشري أشبه ما يكون بالمفتاح، ليس له أي قيمة دون أن تستخدمه.

إذا أردت أن تنجز أفكاراً مميزة، فأنت بحاجة إلى عقل نشط مشتغل حتى الاحتراق، يقظ معظم الوقت، سريع الاستجابة، فالقدرة تساعد على التفكير الإيجابي الفعال، في أسرار قادة التميز، يقول الدكتور إبراهيم الفقي: «احرص على أن تفعل شيئاً لم تفعله قط من قبل، وأن تفعل شيئاً لم تكن تستطيع أن تفعله من قبل، نمِّ نفسك أكثر قليلاً وتعلم مهارة جديدة، وعندئذ ستكون طريقك نحو المجد المنشود».

تعلم المهارات الجديدة التي يتم التدريب عليها مراراً وتكراراً، بسبب تغيرات داخلية في الدماغ، فقد أظهرت دراسة جديدة، أن الجلسات التدريبية الدورية ساعدت المثيرين على تحسين إدراكهم ومهاراتهم العقلية التي كانوا يملكونها. وعلى الرغم من هذا، فإن الفكرة لا فائدة منها إذا لم يتبعها عمل وتنفيذ، لتطبيقها على أرض الواقع، وهذا تحدٍ آخر أمام الجميع، يقول المخترع الأمريكي الشهير توماس أديسون: «قيمة الفكرة تعتمد على استعمالها».

Email