الكتابة والقراءة كجناحي الطائر

ت + ت - الحجم الطبيعي

يُرجع البعض من علماء اللغة والتاريخ، الكتابة إلى أكثر من خمسمائة عام قبل الميلاد، البعض يسميها اختراعاً وآخرون يطلقون عليها اكتشافاً.. هذا التاريخ العميق الضارب في الزمن يسلط الضوء على عمومية الكتابة وأنها مشاعة للجميع، وتعد من أبسط الحقوق لكل إنسان، وكما هو معروف فإنه لا يمكن تعلم الكتابة بمعزل عن القراءة، ويقال إنهما، أي الكتابة والقراءة، كجناحي الطائر.. في هذا العصر الذي يتوهج بالمعرفة والتقنية تطورت وسائل وطرق الكتابة على مختلف أنواعها، وباتت علماً قائماً بحد ذاته.


وتعد الكتابة الإبداعية، أحد أنواع الكتابة، وهي منهج علمي توجد له أقسام علمية قائمة تعلم فنون الكتابة بمهارة ووفق دروس ومواد علمية، في عالمنا العربي لن تجد مثل هذه الأقسام العلمية أو المواد الدراسية، لكنها موجودة في كثير من الجامعات الأوروبية.


لدينا تقام بين وقت وآخر ورش تدريبية تحت شعارات براقة وجميلة، تتحدث عن تعليم الكتابة والتأليف في مجال الرواية في غضون ثلاثة أيام أو خمسة أيام، وأخرى تعلن عن فنون كتابة القصة القصيرة، فضلاً عن المقالات وقصة الطفل وغيرها من مجالات الأدب في بضعة أيام أيضاً، مثل هذه الورش تقام في البعض من الأحيان برعاية من جهات معرفية وثقافية، وهم في الحقيقية يُشكرون على مثل هذه المبادرات، والبعض من هذه الورش تقام بمبادرات شخصية وتطوعية من البعض من المؤلفين والكتاب، وكما هو واضح فإن هذا المجال يحتاج لالتفاتة واهتمام أكثر، واهتمام يشمل المنهجية والوقت والوسائل، خاصة ونحن نشاهد أن هناك استثماراً ومراكز تدريب تقوم على التجارة في هذا الجانب، حيث تنظم ورش تدريبية بمقابل مادي، والخلل هنا أن ورشة الكتابة الإبداعية، لا تعطي منتسبيها القدرة على الكتابة والتأليف، فإما أن يكون وقتها قصيراً ولا يتناسب مع موضوعها، وإما أن يكون المدرب الذي يقدم المادة غير متخصص أو لا يملك المهارة اللازمة، وغيرها من الجوانب، وفي نهاية المطاف تنتهي الورشة، ويكون من مخرجاتها مؤلف شاب في مقتبل العمر دفع المال ولم يحصل على الفائدة الحقيقية ولا على المعلومة التي فعلاً تساعده وتزوده بالخبرة اللازمة في هذا المجال، وعندما ينشر منجزه الإبداعي الأول، ستجده يحتوي على الكثير من الأخطاء، ويكون عرضة للنقد، وهذا الجانب قد يسبب ردة فعل عكسية، فيبتعد هذا المؤلف الشاب عن الكتابة والتأليف، ومن شجعه وقدم له ورشة تدريبية ومن قال بأن هذا الطريق ممهد بالورود، هو من يتحمل هذه النتيجة.. يؤلمني أن يكون البعض من الكتاب والمؤلفين متورطين في مثل هذه النتيجة بحسن نية.. نحن نحتاج لمنهج إبداعي، وأيضاً أن نبعد الكتابة الإبداعية عن المرابحة والتجارة.
والنصيحة الذهبية لكل من يرغب بالتوجه نحو الكتابة الإبداعية تكمن في التمهل وعرض منجزه على أهل الخبرة في هذا المجال، وأيضاً تقبل النقد ووجهات النظر دون حساسية.

Email