في كتابه «خواطر وذكريات مع الإعلام» يوجه الدكتور أحمد سيف بالحصا همسة عتاب إلى الإعلام الإماراتي، بعد أن يبدي تقديره للدور الوطني، الذي يقوم به، قائلاً إنها همسة لا يقصد بها إلا المصلحة العامة، لأنه يرى أن العلاقة بين أجهزة الإعلام ومؤسسات القطاع الخاص لا تزال بحاجة للمزيد من التفهم والتقارب.
يقول الدكتور بالحصا في همسة عتابه تلك: إن بعض وسائل الإعلام تقوم على استحياء، أو تبخل أحياناً، بإلقاء الضوء على بعض إنجازات ونجاحات بعض مؤسسات القطاع الخاص، بدعوى أن هذا يعتبر نوعاً من الدعاية أو الترويج المجاني.
ويضرب الدكتور بالحصا مثالاً على ذلك قائلاً: إنه ذات مرة كتب أحد العاملين في مجموعة شركات بالحصا مقالاً لنشره في صحيفة كبيرة في دولة الإمارات، كانت تنشر له بعضاً من كتاباته من قبل، وعندما سلم المقال لمسؤول التحرير فوجئ برفض نشره بدعوى أنه يتضمن إشادة بالجانب الإنساني داخل المجموعة، حيث اعتبر هذا نوعاً من الدعاية.
تساءل كاتب المقال قائلاً: لكننا كثيراً ما نكتب عن السلبيات، ونوجه الانتقادات للعديد من المؤسسات المحلية والعالمية، فلماذا لا نشيد بإيجابيات البعض الآخر حتى يكون قدوة لغيره؟ لم يستطع كاتب المقال إقناع مسؤول التحرير بوجهة نظره، رغم أنه كتب ذلك المقال بعد أن ترك الخدمة بالمجموعة، وقرر التقاعد والعودة لوطنه.
يمضي الدكتور بالحصا شارحاً وجهة نظره حول الدور الذي تؤديه الشركات والمؤسسات التجارية تجاه الوطن والمجتمع، مستشهداً بمقولة صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، لدى تكريم رواد ومعلمي وطلاب المدرسة الأحمدية، خلال الاحتفال، الذي أقيم في ندوة الثقافة والعلوم بدبي عام 2012، بمناسبة مرور 100 عام على تأسيس المدرسة، حيث قال سموه: إن «مؤسس المدرسة هو أحد تجار دبي، الشيخ أحمد بن دلموك، ونقول للتجار إن المجد الحقيقي هو فيما نقدمه للوطن، وليس فيما نأخذه منه».
يختم الدكتور بالحصا همسة عتابه قائلاً: «إذن يجب ألا يقتصر التقدير والتكريم على من يدفع ثمن الإعلان. من العدل أن يكون التكريم والتقدير والمجد الحقيقي لمن يقوم بدوره تجاه الوطن وتجاه المجتمع على الوجه الأكمل».
ذكرتني همسة العتاب هذه بمقطع الفيديو، الذي نشره سمو الشيخ مكتوم بن محمد بن راشد آل مكتوم، النائب الأول لحاكم دبي نائب رئيس مجلس الوزراء وزير المالية، عبر حسابه الرسمي على منصة X في شهر يناير من العام الماضي، مشيداً بجهود وعطاء رجل الأعمال الإماراتي جمعة الماجد، ودوره في قصة نجاح دبي وريادتها العالمية، منوهاً سموه بتجربته، قائلاً: «هو إحدى قصص دبي الملهمة، وجزء من ريادتها ونجاحها، ونموذج لتجارها الذين ارتبطت إنجازاتهم الاقتصادية بإنجازاتهم الإنسانية في خدمة المجتمع والناس. كان مدركاً لطموح دبي ورؤية قيادتها، فسخر حياته للبناء والإنجاز، وآمن ببركة العطاء فتضاعفت نجاحاته.
بجمعة الماجد وأمثاله نحتفي ونفتخر». عام 2013 قمت بإدارة حوار مع جمعة الماجد أثناء إطلاق مبادرة «تجار دبي» من قبل غرفة تجارة وصناعة دبي، قال فيه إنه بدأ حياته التجارية من الصفر، فلم يكن من عائلة ثرية، ولم يرث المال والتجارة من عائلته، حاله حال 95 % من تجار دبي، مشيراً إلى أنه تعرض للخسارة والإفلاس مرتين، عاد بعدهما مرة أخرى إلى نقطة الصفر، ثم بدأ من جديد.
ويوم الأربعاء الماضي أدرت في ندوة الثقافة والعلوم حواراً مع رجل الأعمال الإماراتي الدكتور أحمد سيف بالحصا، قال فيه أيضاً إنه ليس من عائلة ثرية، ولم يرث المال والتجارة من عائلته، وذكر أنه ترك الدراسة عندما توفي والده وهو في الثامنة من عمره، واضطر للعمل «لضيق ذات اليد ورقة الحال»، ونوه بأن من عوامل إثراء تجربته كانت الأزمات والانعطافات التي عاصرها، والتي مر بها في حياته.
هذه النماذج من رجال الأعمال الإماراتيين مشرفة لجيلها وملهمة لكل الأجيال، لأنها شقت طريقها وسط الصخر في ظروف صعبة وشاقة، ولهذا استحقت الاحترام والتقدير من القيادة ومن الناس.