زايد وتأسيس بلاد المعرفة والثقافة

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذا كنت تريد لابنتك أو ابنك التميز والتفوق فإنه من البديهي أن تغرس في قلبه الصغير حب العلم والسعي الدؤوب نحو المعرفة دون كلل أو ملل، لأننا عرفنا من خلال التجربة ومن خلال الواقع أن من يملك المعلومات ويجيد التعامل معها ويستطيع توظيفها لخدمته، سيكون أقرب للنجاح وللإبداع والتفوق، لكننا في اللحظة نفسها ندرك أنه لا يمكن لأي واحد، مهما بلغ من العمر أن يوظف المعلومات والمعارف التوظيف الصحيح الأمثل دون علم دون معرفة وثقافة.

لذا نبعت الحاجة للتعلم وظهرت فوائد الثقافة وفن اكتساب المعرفة وتوظيفها، أعتقد أن معظمنا يسلم بمثل هذه الحقيقة والتي مفادها أن النجاح والتميز هي تتويج لكل من سعى وتخصص ودرس وتعلم، خاصة في هذا الزمن الذي كثرت الوسائل والأجهزة التي تمدنا بالمعلومات، بل التي حولت المعرفة لسيل جارف تمر بنا ومعظمنا لا يستفيد منها أي قيمة حياتية، أقول إنه في هذا العصر تحديدا لا مجال أو مكان لعدم المعرفة لعدم الثقافة لعدم التعلم والتخصص، هذا على مستوى الأفراد فكيف هي الحال على مستوى المجتمعات والدول والأمم؟ 

قد يستغرب البعض إذا قلنا إنها حالة متشابهة، نعم الحالة الفردية يمكن إسقاطها تماما على الحالة الاجتماعية، تماما كما يوجد أفراد يجيدون التعامل مع المعلومات والمعارف ويدرسونها ويمنحونها الوقت الكافي والاهتمام الذي تستحقه، وأفراد آخرون غير مبالين يعيشون في ضياع معرفي وثقافي، فإنه وبالمثل توجد مجتمعات متميزة ترتفع فيها معدلات العلم والتعليم ونشر الثقافة والمعرفة، ومجتمعات أخرى متراجعة أمية تعيش في اجترار لما يقدم لها فلا تنشد المستقبل وتعتبر مستهلكة ولا أكثر.. على الجانب الفردي هذه مسؤولية كل واحد منا كأفراد، لكن على الجانب الاجتماعي الوطني، هذه مسؤولية القادة وصناع القرار في هذا المجتمع أو ذاك..

ومن هذه الجزئية تحديدا أستحضر نشأة بلادنا وتأسيس اتحاد الإمارات العربية المتحدة، الذي نهض وانطلق بفكر وتصميم الوالد الراحل المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، الذي أدرك حقيقة قوة العلم وقوة المعرفة في تميز البلاد والأمم والمجتمعات، وعرف، رحمه الله، بعقله المتوثب نحو العدالة والاستقرار والنجاح والتميز، وبقلبه المحب لبلاده وشعبه، معنى العلم والثقافة، فوضع الأسس واللبنات لهذه الصروح العلمية والثقافية والمعرفية منذ الخطوات الأولى نحو البناء والتعمير لبلادنا.

ولم تغب عن روحه وعقله قوة الثقافة ولا قوة العلم، في الارتقاء بالمجتمعات والدفع بهم نحو مصاف التطور الرقي، واليوم نستند إلى إرث كبير من توجيهاته الناصعة في هذا المجال ومن كلماته الواضحة التي تدلل على وعي وفهم مبكر لقوة العلم والثقافة، أستحضر ما قاله الوالد المؤسس، رحمة الله: "إن تعليم الناس وتثقيفهم في حد ذاته ثروة كبيرة نعتز بها فالعلم ثروة ونحن نبني المستقبل على أساس علمي".

واليوم وفي هذا العصر تحديداً نجني ونحصد ما تم تأسيسه على يد هذا القائد الفذ العظيم، رحمة الله، ولأن الأساس كان قوي ومتين وراسخ، كانت كل هذه المنجزات التي نشاهدها ونعيشها ماثلة وتحققت في غضون أقل من خمسة عقود  من الزمن، والمسيرة لازالت متواصلة والتطلع الآن نحو غزو الفضاء والتميز في مجالات العلوم والتقنيات الحديثة.. رحم الله باني ومؤسس بلادنا، والدنا الشيخ زايد بن سلطان.

Email