شجاعة من نوع آخر

ت + ت - الحجم الطبيعي

الشجاعة ليست محصورة في جوانب معينة في الحياة، بل الشجاعة اليوم تغيرت في ظل الظروف التي تطلب منا مواجهة المشكلات والتحديات بالقوة والمعرفة والتحلي بالصبر وأداء الواجبات الأسرية والمحافظة على القيم في ظل التغيرات المعاصرة، ففي الحياة هناك الكثير من الأعذار التي نسمعها يومياً والشجاعة في مواجهتها ضرورة.

 واحدة من الصديقات كانت حياتها جيدة ومستقرة في عملها وأسرتها حتى حدث بينها وبين مديرتها خلاف كبير أثر عليها حتى أصبحت لا تطيق الذهاب إلى عملها وأثر ذلك على حياتها بشكل جذري ولكن تلك الصديقة لم تستسلم بل قررت مواجهة ظرفها وخلافها بطريقة سليمة وصحية فقدمت استقالتها واختارت عملاً جديداً بدلاً من الاستسلام والاكتئاب، بل لم تسمح للأعذار النفسية أن تقتل حياتها وتدمرها.

الشجاعة أن تواجه الظروف، أن تحاول النجاح في دراستك وعملك وتؤدي واجباتك الأسرية تجاه أهلك وأسرتك، أن تسهم في خدمة مجتمعك ووطنك وأن تقدم المبادرات والابتكارات، الشجاعة أن تعمل من أجل رفعة وطنك وسعادته، البعض يتعذر بخيانة الأصدقاء والزملاء في مجالات العمل والحياة وعدم القدرة على مواجهة المجتمع وتكوين أصدقاء جدد ولكن الشجاعة هي أن تواجه مخاوفك وتعاود تكوين مجتمع الأصدقاء، أن تساعد نفسك حتى تنهض وتدرس وتعمل وتؤسس أسرة وعائلة، انظر من حولك إلى أولئك الأغنياء الذين لا يملكون قبل ذلك اليوم شيئاً مثل بيل غيتس وأوبرا وينفري وستيفن كنج وغيرهم، جميعهم بدأوا من الصفر ولكن لم يوقفهم عذر الحالة المادية بل تقدموا في حياتهم وكافحوا واستطاعوا مواجهة ظروفهم.

وهكذا يمكننا قياس الأعذار جميعها مثل عذر الخوف والقلق والعادات اليومية والسلوكيات التي نتعود عليها، وقد تكون مؤذية مثل التدخين وعدم لعب الرياضة والسمنة وغيرها وربما بعض الأعذار الغريبة مثل صغر السن أو كبره ورفض البعض استكمال دراسته نظراً لكبر سنه أو حتى الزواج، ترى ما الذي يمنعنا من استكمال حياتنا وتحقيق النجاح والبعد عن الأعذار، فعندما يختار الإنسان الأعذار ويكررها تصبح جزءاً من حياته فتكبر وتؤثر على قراراته وخياراته واعتقاده، فلا تحولها إلى أعذار وكوارث في حياتك عندها لن تستطيع الحركة ولا التقدم، فمثلاً إذا أقنعت نفسك بأنك مريض سوف تصدق ذلك وسوف تذهب للطبيب وربما تصبح مريضاً بحق ولن تستطيع الحركة أو العمل وتصبح تلك عادتك اليومية، أسوق لكم إحصائية قامت بها إحدى الجامعات الأوروبية أثبتت أن تسعة من بين كل عشرة يذهبون إلى الأطباء غير مرضى حقيقيين ولكنهم يريدون أن يطمئنوا على أنفسهم فقط، أو يشعروا بالوهم بأنهم مرضى، وهم في الأساس ليسوا كذلك! إن هذا الشخص وغيره إذا لم يمتلكوا الشجاعة لمواجهة حالتهم النفسية وتخطي هذه الظروف سوف يسقطون في وهم الظروف، لذلك ربما الوقت حان لمواجهة ظروفك وتخطي أزماتك والسعي من جديد والبعد عن دوامة الأعذار، أسوق لكم قصة رون سكارلين، ذلك الطفل الذي كان يحلم أن يصبح بطلاً من أبطال الكاراتيه في العالم، ولكن كانت قدماه مقطوعتين، وكان والده يعرف شغفه وحبه للرياضة فقرر أن يذهب به إلى أحد النوادي الخاصة بالكاراتيه، وهناك عرفه لبطل الكاراتيه العالمي ليزلي الذي تبناه رياضياً، وعلمه كيف يستخدم الكرسي في القتال، وفعلاً تدرب وحصل على الحزام الأسود في أقل من أربع سنوات، وأصبح لديه 12 نادياً رياضياً، وكان يتعلم تحت يديه حوالي 12 ألف لاعب تحت إدارته، الشجاعة أن تنفض التراب من فوقك وتواجه كل مصاعب الحياة بقوة وتدرك أن قوتك في الصبر والمواجهة وسوف يكون النجاح حليفك.

Email