أوطاننا.. ليس من أغراك بالعسل بل من نصحك

ت + ت - الحجم الطبيعي

ليس من الصعب أن تدرك أن هذه البلاد أو تلك متميزة وتعيش نهضة ورقياً وتقدماً، فالموضوع لا يحتاج لقياسات رقمية متخصصة، ولا مطالعة أرقام كثيرة توضح لك الصعود والانخفاض، ولا مطالعة المؤشرات التنموية المتخصصة. هناك عدة جوانب ستعطيك ملامح عن دولة القانون والنظام في أي بلد تزوره. أولها النظام المروري، وهذا واحد من الجوانب الحيوية.

فانتشار الفوضى المرورية في مجتمع ما، وعدم التقيد بالسرعات، وتجاوز الإشارات الضوئية من دون خوف أو رادع، تعد من أهم الملاحظات على ضعف القانون والنظام، وتبعاً لهذا يقال كيف لمجتمع لم يتمكن من ضبط الحركة المرورية أن يضبط الحركة النظامية في جوانب أكثر تعقيداً وأشد أهمية؟

مع الأسف هذا الخلل قد تجده ماثلاً في عدة عواصم من عالمنا العربي، وهو بحق يعكس عدة جوانب من التعثر التنموي وصولاً إلى التدهور الاقتصادي. البعض قد يتساءل: ما الرابط بين النظام المروري والاقتصاد أو التنمية؟ وبهذه الوضعية فإنه قد لا يكون هناك رابط مباشر بينهما، لكن التنمية الناجحة تعني مشاريع طرق مميزة، تعني إنشاءات لمعابر وممرات وتقاطعات وجسور وفق آخر كشوف الهندسة المعمارية في العالم، تعني تفوقاً في مجال السلامة المرورية والهندسة المرورية، وهذه في مجملها جوانب لن تجدها في بلاد ترزح تحت نير الديون والبؤس، لن تجدها في دول تعالج الأساسيات والرئيسيات مثل مكافحة الجريمة ونشر الأمن، وتحاول توفير الطعام ونشر التعليم والرعاية الصحية والاجتماعية.

تكشف لنا مواقع التواصل مثل «إكس» عن جانب آخر، يلتقي مع موضوعنا بطريقة أو أخرى، بل هو يسلط الضوء عليه، خاصة عند الحديث عن المنجز والتميز والتقدم لأي بلد.

يمكنك ببساطة متناهية أن تلاحظ البعض ممن يتخذ من مواقع التواصل الاجتماعي وسيلة لنفث آرائه السقيمة، ولنشر وجهات نظر غير موضوعية، والكتابة في كل شيء من دون هوادة أو تردد، من أمثال هؤلاء من يأتي لتقييم التنمية في بلد مثل الإمارات، لكنه لم يسبق له أن زارها، وقد لا يعرف أين تقع، ثم يسمح لنفسه بالحديث عن اقتصادها وتنميتها والعدالة فيها.

أين الرابط بين موضوعنا وأمثال هؤلاء؟ ذكرت في بداية المقال أن أي تميز تعيشه أي بلاد يمكن ملاحظته مباشرة من شوارعها، من تنظيمها، من سيادة الأمن، ومشاريعها التنموية، وأن هذه جوانب لا تحتاج لأذن أو لمتخصص للاطلاع عليها؛ لأنها أمور يتم مشاهدتها والتعايش معها. هؤلاء لا يجهلون الإمارات، ولا مشاريعها، ولا تفوقها وتميزها وتقدمها، لكنهم يجهلون قيمة الفضيلة والحس الإنساني في الموضوعية، كما أنهم يفتقرون للإنصاف وقيم الصدق والشفافية.

استطاعت دولة الإمارات طيلة خمسة عقود أن تثبت مكانها وتقفز نحو المجد بوثبات عالية وكبيرة، شهد لها العالم، لم تكن لتحقق كل هذا التميز والنجاح لولا الحس الإبداعي والتميز والرؤية الواثقة الثاقبة لدى شيوخنا، أيدهم الله.

وكما قال المثل الصيني البليغ: «ليس من أغراك بالعسل حبيباً، بل من نصحك بالصدق عزيزاً». أنا ناصحة لهؤلاء ولغيرهم بأن يتوجهوا نحو الموضوعية، ويبحثوا ويسألوا، وسيجدون من يجيب ويوضح، وفي عالم اليوم بات كل شيء مكشوفاً ومعروفاً، وبضغطة زر تحصل على أي معلومة من مصدرها، المهم إرادة الخير ومعرفة الحقيقة، ولا سواها.

Email