قليلة هي التقارير الإحصائية الإدارية في العالم العربي. ولذلك أثلج صدري صدور تقرير «حالة القيادات التنفيذية 2023» المعد من قبل مؤسسة «سنام».
فقد رصد حالات التعيينات والاستقالات للرؤساء التنفيذيين في كبريات الشركات السعودية المدرجة في البورصة.
هناك 291 رئيساً تنفيذياً، 81 في المئة منهم مواطنون سعوديون، في حين يشكل المقيمون نحو 18 في المئة، وهذا يعني أن المليارات التي تحققها الشركات المدرجة يقودها أبناء البلد. وهناك أسباب عديدة لدواعي الاستقالات نصفها كان «لظروف خاصة».
وما يهمني هو النقاش الذي يثير الجدل في العالم عموماً وهو ما المدة المثالية التي يستمر بها الفرد في منصبه كرئيس تنفيذي أو مدير عام.
فوجدنا مثلاً أن معدل استمرارية الرؤساء التنفيذيين في المنصب بالسعودية يقدر بنحو 5.7 سنوات. وكانت المفارقة أن أطول مدة بقاء كانت بمعدل 11 عاماً في قطاع التجزئة والسلع الاستهلاكية، ومثلها لتجارة توزيع السلع الكمالية.
في حين كانت مدة المكوث في قطاع التطبيقات وخدمات التقنية نحو 8 سنوات. أما أقل القطاعات فكان إدارة وتطوير العقارات (2.5 سنة)، والمرافق العامة (3.7 سنوات)، والبنوك (3.9 سنوات). وكان لافتاً أنه على الرغم من استقرار المصارف إلا أن مدة بقاء الرئيس التنفيذي لا تتجاوز أربع سنوات.
والخلاصة أن نصف الرؤساء التنفيذيين (53 %) يبقون نحو ثلاث سنوات ونصف في المنصب، ونحو ثلثهم (28 %) ما بين أربع إلى عشر سنوات، وخمسهم (19 %) يمكثون أكثر من عشر سنوات ليقودوا المشهد.
وكان لافتاً أن نصف الرؤساء التنفيذيين في الشركات السعودية المدرجة يحملون شهادة بكالوريوس (48 %)، والماجستير (41 %)، ولم يحمل الدكتوراه سوى 5 في المئة ومثلها لحملة الثانوية العامة الذين لم تمنعهم شهادتهم من التألق في إدارة كبريات المؤسسات.
ويروج لنا الأمريكان أن شهادة الماجستير في إدارة الأعمال مهمة لك كقيادي إلا أن إحصائيات السعودية تشير إلى أن ربعهم فقط (26 %) يحملون MBA، في حين كان الغالبية الساحقة من تخصصات مختلفة.
كنت دائماً ما أقول إننا في قطاع الاستثمار نجد تناغماً عجيباً في العمل مع المهندسين، ربما باعتبارهم يحسنون حل المشاكل بحكم تخصصهم problem solvers، وهو ما يميز قياديين القطاع الاستثماري، أيضاً، على اعتبار أنهم بعيدون عن الروتين لأن فضاء الاستثمار يجعلك تفكر في كل الحلول الممكنة التي توصلك إلى هدفك أو تقلل تداعيات قراراتك المالية عليك وعلى المستثمرين.
فقد تبين أن ثلث الرؤساء التنفيذيين السعوديين (33 %) هم من المهندسين.
وما زالت جامعة الملك سعود تقدم أكبر عدد من الرؤساء التنفيذيين السعوديين (76 شخصاً)، بعدها من درسوا في جامعة الملك فهد (51)، ثم جامعة الملك عبدالعزيز (15)، وجامعة الملك فيصل (7). ويحق لجامعة الملك سعود أن تفخر بأن نصف من يقودون قطاع البنوك هم من خريجيها ونصف من يقودون دفة قطاع الاتصالات هم من خريجي جامعة الملك فهد.
ما أسعدني، أن أعضاء مجالس الإدارة في الشركات السعودية يقدرون العاملين في الشركات المميزة مثل «سابك» و«أرامكو»، حيث جاء أكبر عدد منهما كرؤساء تنفيذيين بنحو 21 لسابك و14 لأرامكو.
أكتب هذا المقال، ليدرك متخذ القرار وكل من لديه مقدرة بحثية، أهمية أن يزودوا الإعلام والمختصين بهذه التقارير لأنها تساعد متخذ القرار في إدراك أين يذهب خريجوهم، وما إسهاماتهم المجتمعية.
وهناك تقارير أخرى لا تقل أهمية تصلني بشكل دوري عن التعويضات المالية في شتى القطاعات مثل معدل رواتب العاملين من المدير العام حتى أدنى موظف. فضلاً عن مكافآت نهاية العام (البونص)، والامتيازات المادية بشتى أنواعها. وهي مسألة مهمة لتدرك الشركات وحتى القطاعات الحكومية كيف يمكن أن تستقطب الكفاءات بعروض سخية.
خلاصة الكلام، أن المعلومات والإحصائيات في غاية الأهمية حتى نبني قراراتنا على أرضية صلبة.