مصادرة القصة !!

ت + ت - الحجم الطبيعي

هم كثر الذين يعتبرون فن التأليف القصصي من أقدم الفنون الأدبية التي عرفها الإنسان على امتداد تاريخ البشرية، وهناك من يؤكد أن القصة أسهمت في رقي الإنسان وحفظ منجزاته، وبسببها تناقلت الأجيال المعارف والأخبار والأحداث، وتبعاً لهذا فإن القصة تطورت مع تطور الإنسان، حتى باتت لها اشتراطات وحدود ومعالم وطقوس، بل إن النقاد في هذا المجال لا يمنحون التميز والتفرد إلا لمن حافظ على عدد من الاشتراطات في مجال الحبكة والترابط، حتى إن البعض يسأل؛ أين الزمن، وآخر؛ أين الحدث، وثالث؛ أين المكان، ولذا نجد من هذه الفئة رفضاً لقبول حتى مفهوم القصة القصيرة جداً، بل حتى مؤلفي القصة أنفسهم استهواهم التحديد والتأطير ووضع اشتراطات لهذا الفن، المؤلف والروائي الكبير روبرت لويس بلفور، وهو مؤلف الرواية الأكثر شهرة في العالم «جزيرة الكنز»، حيث قال: «ليس هناك إلا ثلاث طرق لكتابة القصة؛ فقد يأخذ الكاتب حبكة ثم يجعل الشخصيات ملائمة لها، أو يأخذ شخصية ويختار الأحداث والمواقف التي تنمي تلك الشخصية، أو قد يأخذ جواً معيناً ويجعل الفعل والأشخاص تعبر عنه أو تجسده».

وإذا أمعنا النظر جيداً بهذا القول فإننا نجد أن هذا الكاتب الشهير، قد حدد واشترط وأكد أنه لا توجد إلا ثلاث طرق لكتابة القصة، وبالتالي من سيخرج عن هذا الإطار فإن نصه قد لا يكون قصة أو لا يعد كاتباً قصصياً مميزاً.

في ظني أن هذا يسمى إقصاء ومحاولة يائسة لتحديد أطر هذا الفن الأدبي العريق، وهذه المحاولات لا تستقيم مع بيئة القصة وطبيعتها المبنية على التجديد والتكيف مع كل زمن ومع كل حضارة ومع كل أمة وشعب، فما يميز القصة أنها مشاعة حتى الأطفال يمارسونها، حتى العجزة وكبار السن يتقنون فنونها وملامحها، والجميع يحكي ويقص، فنحن عندما نجلس مع بعض ونتبادل أطراف الحديث فإننا في الحقيقة نقص ونروي الأحداث بشكل متنوع وثري، لذا أعتقد أن الفن القصصي ثري وغني ونحتاج لإعادة إحيائه وتناقله في حياتنا اليومية.

Email